..
انقهارا، فلا يبقى لذاته حكم ولا أثر، ولا للازمها أصل ولا خبر، والكثرة التي من الذاتيات لا حكم لها مع عدم الذات، فإنها مرفوع الحكم برفع ملزومها، محكوك الأثر بحك مخدومها، فجلس سلطان الوحدة إلى مقره ورجع الأمر كله إلى أمره.
ومن هذا يحدس اللبيب أن المتكثر المتوحد هو الموجود العقلي الذي هو متكثر في الذات وله حيث وحيثيات ومتوحد بتجلي الواحد المحض عليه، وتوجه الفرد الأحد إليه، ويعلم العاقل وجه تقديم المتكثر على المتوحد ووجه تقديم الواحد على المتكثر فيما سبق.
وفي التعبير بصيغة التفعل في قوله: " المتكثر المتوحد " مع كون الكثرة ذاتية إشارة خفية إلى أن الذات بعد التجلي الربوبي يصير حكمها حكم العرضيات، ويرجع الأمر كله إلى المتجلي بالذات والصفات.
وسر التعبير عن مقام المشية المطلقة بالواحد المتكثر، وعن الموجود العقلي بالمتكثر المتوحد هو، أن المشية لها الوحدانية الذاتية الحقيقية ظل الوحدانية الحقة الحقيقية، وليس فيها تكثر بحسب الذات ولا تعدد الجهات والحيثيات، وهي الأمر الواحد المشار إليه بقوله تعالى: * (وما أمرنا إلا واحدة) * (1) وإنما التكثر باعتبار تلبسه بلباس التعينات وتنزله في منازل المقيدات، وهذا هو التكثر العرضي، ولا تكثر في نظر أرباب المشاهدات، وهو مقام الألوهية والربوبية والقيومية والقدوسية ومقام الأسماء والصفات والرحمانية والرحيمية الفعلية، وأما الموجود العقلي فقد عرفت حاله ومرجعه ومآله.
وما ذكر هذا العارف العظيم والسالك على الصراط المستقيم قدس الله نفسه وروح رمسه تحقيق رشيق وكلام عرفاني دقيق، كيف؟! وهو من أعظم عرفاء الشيعة