ولنعرض صفحا عن ذكر ما فيه من الأسرار، ونجعلها تحت الأستار، عسى الله أن يكشفها للبلغ الأحرار.
وأما العقلي: فلما تقرر عندنا بفضل الله، وعند أفاضل القدماء (1) وشرذمة من المتأخرين (2) وقليل من الآخرين (3) من أكابر أهل الله المحققين، بالبراهين القاطعة التي لا يحوم حول حريمها شبهة، أن العقل بل كل بسيط عقلي فهو مع وحدته البسيطة وبساطته الحقيقية كل الأشياء العقلية التي دونه بنحو جملي (4) واشتمال عقلي لا يعرفه إلا الراسخون، وسيجئ البرهان الذي هدانا الله إليه في محله. وفي كلام العرفاء إيماءات إلى ذلك وإشارات، سيما معلم الحكمة تصريحات إليه وتلويحات.
منها: ما قال الميمر العاشر من كتاب " اثولوجيا في معرفة الربوبية " بهذه العبارة: ونقول: إن في العقل الأول جميع الأشياء وذلك لأن الفاعل الأول أول فعل فعله هو العقل، فعله ذا صور كثيرة، وجعل في كل صورة منها جميع الأشياء التي تلائم تلك الصورة، وإنما فعل تلك الصورة وحالاتها معا لا شيئا بعد شئ، بل كلها معا دفعة واحدة (5) انتهى.
أقول: وهذا الكلام مما يليق به أن يكون شرحا لبعض ما في حديث خير الأنام.
ومنها: ما قال في الميمر الثامن من هذا الكتاب بعد كلام في ذكر أن الشئ لكون واحدا ولا واحدا، إلى أن قال: وكذلك العقل واحد وهو كثير، وليس هو كثيرا كالجثة، بل هو كثير بأن فيه كلمة تقوى على أن