المناظرات بين فقهاء السنة وفقهاء الشيعة - مقاتل بن عطية - الصفحة ٩٧
وشبت ثم عاد إلى مدينة السلام فوجد فيها تلك الابنة فاستمتع بها وهو لا يعلم، أليس يكون قد نكح ابنته وهذا فظيع جدا؟
فقلت له: إن أوجب هذا الذي ذكرته تحريم المتعة وتقبيحها، فلقد أوجب تحريم نكاح الميراث وكل نكاح وتقبيحه، وذلك أنه قد يتفق في مثل ما وصفت وجعلته طريقا إلى حظر المتعة، وذلك أنه لا يمنع أن يخرج رجل من أهل السنة وأصحاب أحمد بن حنبل من خوارزم قاصدا للحج فينزل مدينة دار السلام ويحتاج إلى النكاح فيستدعي امرأة من جيرانه حنبلية سنية فيسألها أن تلتمس له امرأة ينكحها فتدله على امرأة شابة ستيرة ثيب لا ولي لها فيرغب فيها وتجعل المرأة أمرها إلى إمام المحلة وصاحب مسجدها فيحضر رجلين ممن يصل معه ويعقد عليها النكاح للخوارزمي السني الذي لا يرى المتعة، ويدخل بالمرأة ويقيم معها إلى وقت رحيل الحج إلى مكة، فيستدعي الشيخ الذي عقد عليه النكاح فيطلقها بحضرته ويعطيهم عدتها وما يجب عليه من نفقتها ثم يخرج فيحج وينصرف من مكة على طريق البصرة ويرجع إلى بلده، وقد كانت المرأة حاملا وهو لا يعلم، فيقيم عشرين سنة ثم يعود إلى مدينة السلام للحج فينزل في تلك المحلة بعينها ويسأل عن العجوز فيفقدها لموتها أو لسبب ما فيسأل عن غيرها فتأتيه قرابة لها أو نظيرة لها في الدلالة فتذكر له جارية هي ابنة المتوفاة بعينها فيرغب فيها، ويعقد عليها كما عقد على أمها بولي وشاهدين ثم يدخل بها فيكون قد وطأ ابنته فيجب على القائل أن يحرم لهذا الذي ذكرناه كل نكاح.
فقال السائل أولا: عندنا أنه يجب على هذا الرجل أن يوصي إلى جيرانه باعتبار حالها وهذا يسقط هذه الشناعة.
فقلت له: إن كان هذا عندكم واجبا فعندنا أوجب منه وأشد لزوما أن يوصي المستمتع ثقة من إخوانه في البلد باعتبار حال المستمتع بها فإن لم يجد أخا يوصي قوما من أهل البلد، ويذكر أنها كانت زوجته ولم يذكر المتعة وهذا شرط عندنا، فقد سقط أيضا ما توهمته.
ثم أقبلت على صاحب المجلس وقلت له: إن أمرنا مع هؤلاء المتفقهة عجيب، وذلك أنهم مطبقون على تبديعنا في نكاح المتعة مع إجماعهم على أن رسول الله (ص)
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»
الفهرست