من تأخر عن جيش أسامة " (1) وقد تخلف الرجلان بإجماع المسلمين، فكانا ملعونين بنص الرسول ونص الله، لأنه لم ينطق عن الهوى.
فقال: إنما تخلفا باجتهاد، وشفقة على الرسول والمسلمين، وقالا: " كيف نمضي ونترك نبينا مريضا، نسأل عنه الركبان؟! " ورأيا صلاح المسلمين في تخلفهما.
فقلت: هذا خطأ محض، فإن الاجتهاد إنما يجوز في مسألة 7 نص فيها، ولا يجوز مقابل النص بإجماع علماء الإسلام، وقد قال الله تعالى: * (وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى) * [النجم: 3 و 4] فاجتهادهما هذا رد على الله وعلى رسوله، وذلك كفر.
وهل يتصور مسلم أنهما أعلم بصلاح المسلمين من الله ورسوله؟!
ما هذا (إلا) العمى عن الحق والتلبس بالشبهات.
فقال: أمهلني حتى أنظر.
فقلت: قد أمهلتك إلى يوم القيامة.
ثم ذكرت له - بعد ذلك - حديث الحوض، وهو ما رواه في الجمع بين الصحيحين للحميدي، في الحديث الحادي والثلاثين بعد المائة، من المتفق عليه من مسند أنس بن مالك قال: إن النبي (ص) قال: ليردن علي الحوض رجال ممن صاحبني، حتى إذا رأيتهم ورفعوا إلي رؤوسهم اختلجوا، فأقولن: أي رب أصحابي!
فيقال لي: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك (2).
ورواه أيضا في الجمع بين الصحيحين من مسند ابن عباس بلفظ آخر، والمعنى متفق، وفي آخره زيادة: " إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم " (3).