الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٣٣٨
هذا القول.
فأما ما رواه من قول الزبير أنا مع الخوف الشديد لنطمع (1) فلا دلالة فيه على التوبة لأنه لا بيان فيه لمتعلق الخوف والطمع، وقد يجوز أن يريد أنا مع الخوف من قتالكم لنطمع في الظفر بكم، وإن حملناه على العقاب والخوف منه لم يكن أيضا فيه دليل التوبة (2) لأنه لا يجوز أن يكون ممن يطمع في العفو مع الاصرار، وكيف يكون واثقا من نفسه بالتوبة وهو يخاف العقاب، ويطمع في الثواب، والتوبة يقطع منها على اتقاء العقاب وحصول الثواب.
فأما الخبر الذي رواه بعد ذلك وأن الزبير رجع عقيب المواقفة والتذكير، فقد بينا الروايات الواردة بخلاف ذلك، وأنه بعد ذلك الكلام أقام وقاتل وكان رجوعه عند ظهور علامات الفتح.
فأما قوله: قد كانت أحوالهم أحوال من يظهر عليه التحير بل من كان يعلم أنه مخطئ فالأمر على ما ذكر وليس في تحير الإنسان في الأمر وشكه فيه دلالة على توبته بل التوبة لا تكون إلا مع اليقين والعلم بقبح الفعل، ثم الندم عليه على شرطها وكذلك العلم بأنه مخطئ لا يدل على

(١) استدلال القاضي بهذا القول على توبة طلحة ليس بصحيح لأن كلام طلحة هذا كان مع ابن عباس لما أرسله إليه أمير المؤمنين - وذلك قبل الحرب - يقول له:
" يقول لك ابن خالك: عرفتني بالحجاز وأنكرتني بالعراق فما عدا مما بدا؟ " فروى محمد بن إسحاق والكلبي عن ابن عباس، قال: قلت الكلمة للزبير فلم يزدني على أن قال: إنا مع الخوف الشديد لنطمع، وسئل ابن عباس عما يعني بقوله هذا، فقال: يقول: أنا مع الخوف لنطمع أن نلي من الأمر ما وليتم، والرسالة رواها الجاحظ في " البيان والتبيين " 2 / 115 وابن قتيبة في " عيون الأخبار " 1 / 115 وابن عبد ربه في العقد الفريد وغيرهم وانظر (مصادر نهج البلاغة وأسانيده 1 / 410 و 411) (2) المغني " الندم ".
(٣٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 ... » »»