الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٣٤٩
غدر ابن جرموز بفارس بهمة * يوم اللقاء وكان غير معرد (1) يا عمرو لو نبهته لوجدته * لا طائشا رعش الجنان ولا اليد (2) وإنما استحق ابن جرموز النار بقتله إياه غدرا لا أن المقتول في الجنة.
وهذا الجواب يتضمن قولهم: إن بشارته بالنار مع الإضافة إلى قتل الزبير يدل على أنه إنما استحق النار بقتله، لأنا قد بينا في الجواب أنه من حيث قتله غدرا استحق النار.
وقد قيل في هذا الخبر أن ابن جرموز كان من جملة الخوارج الخارجين على أمير المؤمنين عليه السلام في النهروان وأن النبي صلى الله عليه وآله قد خبره بحالهم. ودله على جماعة منهم بأعيانهم وأوصافهم، فلما جاءهم برأس الزبير أشفق أمير المؤمنين عليه السلام من أن يظن به لعظم ما فعله الخير، ويقطع على سلامة العاقبة، ويكون قتله الزبير شبهة فيما يصير إليه من الخارجية فقطع عليه بالنار، لتزول الشبهة في أمره ليعلم أن هذا الفعل الذي فعله لا يساوي شيئا مما يرتكبه في المستقبل، وجرى ذلك مجرى شهادة النبي صلى الله عليه وآله على رجل من الأنصار يقال له قزمان (3) أبلى في يوم أحد بلاء شديدا وقتل بيده جماعة - بالنار فعجب من ذلك

(١) بهمة إذا كانت صفة للفارس فالمراد به الشجاع وإذا كانت مضاف إليها فهي صفة للفرس يقال: فرس بهيم إذا كان على لون واحد، وعرد الرجل عن الطريق (مال وانحرف وفي مروج الذهب ٢ / ٣٧٢ " غير مسدد " فيكون المراد ابن ترموز.
(٢) الطيش: النزق والخفة ورعش أخذته الرعدة.
(٣) هو قزمان بن الحرث قال ابن الأثير في الكامل ٢ / 162: " كان في المسلمين رجل اسمه قزمان - بضم القاف - وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنه من أهل النار فقاتل يوم أحد قتالا شديدا فقتل من المشركين ثمانية أو تسعة ثم جرح فحمل إلى داره.
وقال له المسلمون: أبشر قزمان! قال: بم أبشر وأنا ما قاتلت إلا عن أحساب قومي، ثم اشتد عليه جرحه فأخذ بهما فقطع رواهشه فنزف الدم، فمات، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (أشهد أني رسول الله).
والرواهش: أعصاب في باطن الذراع واحدها راهش وفي الإصابة إنه لما قيل له: هنيئا لك بالجنة قال: جنة من حرمل.
(٣٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 ... » »»