الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٣٤٣
أمله، ولم يظفر بمراده، وخاب مما كان يأمله، وقوله: " اللهم خذ لعثمان حتى يرضى دليل على الإصرار أيضا فإن فسقه إنما كان بأن طلب بدم عثمان، وليس له ذلك وطالب به من لا صنع له فيه فإذا كان يقول وهو يجود (1) بنفسه اللهم خذ لعثمان حتى يرضى فكأنه مصر على ما ذكرناه، فإن قال: إنما أراد بهذا القول إنني كنت من المجلبين عليه والمؤازرين على قتله، وما لحقني كالعقوبة على ذلك، قيل له: الذي ذكرناه أولى بأن يكون مراده، وهب أن القول محتمل الأمرين من أين لك أنه أراد ما ظننته وبعد فلو حملناه على ما اقترحت ولم يكن فيه حجة لأنه لا يجوز أن يكون نادما على ما صنعه لعثمان وإن لم يكن نادما على غيره وهما فعلان منفصلان.
ثم يقال له: أليس ما ظهر من طلحة مما ادعيت أنه ندم إنما كان بعد وقوع السهم به، وفي الحال التي كان يجود بنفسه فيها فإذا قال:
نعم، لأن الرواية هكذا وردت، قيل له: من أين لك أن ذلك كان في حال تقبل في مثلها التوبة، ألا جوزت وقوعه في حال الإياس من الحياة؟ فإن رام أن يذكر شيئا يقطع على أنه في ذلك الحال كان مكلفا (2) متردد الدواعي لم يجده.
فأما ما رواه من ترحم أمير المؤمنين عليه السلام وقوله: " إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير إخوانا على سرر متقابلين " خبر ضعيف لا يوجب العلم ويعارضه ما قدمناه من الأخبار التي تدل على الاصرار

(1) يجود بنفسه: أي يخرجها ويدفعها كما يدفع الإنسان ماله يجود به والمراد قارب أن يقضي.
(2) ر " متكلفا ".
(٣٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 ... » »»