الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٣٤٢
فأما الكلام في توبة طلحة فهو على المخالف أضيق وأحرج من الكلام في توبة الزبير، لأن طلحة قتل بين الصفين، وهو مباشر للحرب مجتهد فيها، ولم يرجع عنها حتى أصابه السهم، فأتى على نفسه وادعاء توبة مثل هذا مكابرة.
فأما قوله: (إنه لما أصابه السهم انشد البيت الذي ذكره وأنه يدل على توبته) فبعيد من الصواب، بل البيت المروي بأنه يدل على خلاف التوبة أولى لأنه جعل ندمه مثل ندامة الكسعي وخبر الكسعي معروف (1) لأنه ندم حيث لا ينفعه الندامة، وحيث فات الأمر وخرج عن يده، ولو كان ندم طلحة واقعا على وجه التوبة الصحيحة لم يكن مثل ندامة الكسعي، بل كان شبيها لندامة من تلافى ما فرط على وجه ينتفع به.
فأما قوله: (ما رأيت مصرع شيخ أضيع من مصرعي) فهو أيضا دليل على ضد التوبة النافعة لأنه لو كان واثقا بأن ندمه قد وقع موقعه لم يقل هذا القول، ويجوز أن يريد بأن مصرعه ضائع أنه قتل دون بلوغ

(1) الكسعي: غامد بن الحرث كان لديه قوس وخمسة أسهم فمر به قطيع من الظباء فكمن في قترة وهي ناموس الصائد - فرمى ظبيا فأمخطه السهم أي نفذ فيه - وصدم الجبل فأورى نارا فظن أنه قد أخطأ فرمى ثانيا وثالثا إلى آخرها وهو يظن خطأه فعمد إلى قوسه فكسرها ثم بات فلما أصبح فإذا الظباء مطرحة، وأسهمه بالدم مضرجة فعض إبهامه وأنشد:
ندمت ندامة لو أن نفسي * تطاوعني إذا لقطعت خمسي تبين لي سفاه الرأي مني * لعمر أبيك حين كسرت قوسي فضرب بندمه المثل قال الفرزدق:
ندمت ندامة الكسعي لما * غدت مني مطلقة نوار (انظر العقد الفريد 6 / 125 والقاموس المحيط مادة " كسع ").
(٣٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 ... » »»