فأما الكلام في توبة طلحة فهو على المخالف أضيق وأحرج من الكلام في توبة الزبير، لأن طلحة قتل بين الصفين، وهو مباشر للحرب مجتهد فيها، ولم يرجع عنها حتى أصابه السهم، فأتى على نفسه وادعاء توبة مثل هذا مكابرة.
فأما قوله: (إنه لما أصابه السهم انشد البيت الذي ذكره وأنه يدل على توبته) فبعيد من الصواب، بل البيت المروي بأنه يدل على خلاف التوبة أولى لأنه جعل ندمه مثل ندامة الكسعي وخبر الكسعي معروف (1) لأنه ندم حيث لا ينفعه الندامة، وحيث فات الأمر وخرج عن يده، ولو كان ندم طلحة واقعا على وجه التوبة الصحيحة لم يكن مثل ندامة الكسعي، بل كان شبيها لندامة من تلافى ما فرط على وجه ينتفع به.
فأما قوله: (ما رأيت مصرع شيخ أضيع من مصرعي) فهو أيضا دليل على ضد التوبة النافعة لأنه لو كان واثقا بأن ندمه قد وقع موقعه لم يقل هذا القول، ويجوز أن يريد بأن مصرعه ضائع أنه قتل دون بلوغ