لقال له في الجواب: ما شككت، بل تحققت أنك وصاحبك على الحق، وأنا على الباطل، وقد ندمت على ما كان مني، وأي توبة تكون لشاك غير متحقق، فهذه الأخبار وما شاكلها تعارض أخبارهم التي كان لها ظاهر يشهد بالتوبة، وإذا تعارضت الأخبار في التوبة والاصرار سقط الجميع، وتمسكنا بما كنا عليه من الكلام في أحكام فسقهم، وعظيم ذنبهم، وليس لهم أن يقولوا إن كل ما رويتموه من طريق الآحاد، وذلك أن جميع أخبارهم بهذه المثابة وكثير مما رويناه أظهر من الذي رووه، وأفشى وإن كان من طريق الآحاد، ولو كان لهم في التوبة خبر يقطع العذر، ويوجب العلم لما تكلفوا في أنه يرجع عن المعلوم بالظنون.
فأما الكلام على ما عقده في توبة الزبير فأول ما تعلق به أنه فارق القوم، وخرج عن جملتهم، ورجع عن الحرب وهذا المقدار غير كاف في التوبة، لأن الراجع عن الحرب قد يرجع لأغراض كثيرة، الندم على الحرب من جملتها فمن أين أن رجوعه كان لهذا الوجه دون غيره، بل الظاهر من كيفية رجوعه أنه يقتضي أنه رجع لغير التوبة، لأنه لو كان راجعا لوجب أن يصير إلى حيز أمير المؤمنين عليه السلام معترفا على نفسه بالخطأ، مظهرا للإقلاع عما كان عليه من نكث بيعته، وخلع إمامته ومناصبته ومجاهدته وباذلا أيضا نصرته على من أقام على البغي كما يقتضيه شروط إمامته، لأنه إن كان تائبا على ما ادعوه فلن تصح توبته إلا بأن يكون معترفا له عليه السلام بالإمامة، ووجوب الطاعة ولا حال يتعين فيها نصرة الإمام على من بغى عليه إلا وحال أمير المؤمنين عليه السلام هناك أضيق منها فالظاهر من تنكبه وعدوله عن حرب أمير المؤمنين عليه السلام وتركه الاعتذار إليه أن رجوعه لم يكن للتوبة، وإنه كان لغيرها من الأغراض، ولو لم يكن ما ذكرناه مرجحا لكون الرجوع غير مقصود به التوبة لكان محتملا، ومع الاحتمال لا حجة فيه، ولا فرق بين من