لم أر كاليوم أخا إخوان * أعجب من مكفر الإيمان بالعتق في معصية الرحمن وقال رجل من شعرائهم:
يعتق مكحولا لصون دينه * كفارة لله عن يمينه والنكث قد لاح على جبينه (1) وهذا يدل كما ترى على الرجوع عن التوبة واليمين جميعا وأنه أقام بعد ذلك وقاتل، وأن انصرافه لم يكن عقيب التذكير، وإنما كان بعد اليأس من الظفر، وخوف الأسر أو القتل.
وقد روى الواقدي هذا الخبر وذكر في صدره التقاء أمير المؤمنين عليه السلام بالزبير، وتذكيره له بقول الرسول صلى الله عليه وآله فيه، وأن الزبير انصرف إلى عائشة فقال لها: ما شهدت موطنا في الجاهلية والاسلام إلا ولي فيه رأي وبصيرة إلا هذا المشهد فقلت له فرقت من سيوف آل أبي طالب إنها والله طوال حداد تحملها فتية أنجاد فاستحيى الزبير فأقام.
وروى البلاذري عن أحمد بن إبراهيم الدورقي، عن وهب بن جوين، عن أبيه عن يونس بن يزيد، عن الزهري عن معنى هذين الخبرين المتقدمين، وأن ابن الزبير لما جبن أباه وعيره قال له: قد حلفت ألا أقاتله، قال: فكفر عن يمينك، فأعتق غلاما له يقال له سرخس، وقام في الصف معهم وكل هذه الأخبار تدل على أنه أقام بعد التذكير والمواقفة وأن رجوعه كان بعد ذلك ولعل أصحابنا المخالفين في هذا الباب