الأفعال التي لها ظاهر يظن معه القبيح بهم حتى نرجع عما كنا عليه من القول بعد التهم وإن لم يكن كل ذلك متيقنا، وإنما يصح ما ذكره فيمن ثبتت عدالته على القطع ووجب توليه على الباطن فلا يجوز أن يؤثر في حاله ما يقتضي الظن لأن الظن لا يقابل العلم والدلالة لا تقابل الإمارة.
فإن قال: لم أرد بقولي إلا بأمر متيقن أن كونه حدثا متيقن وإنما أردت تيقن وقوع الفعل نفسه قلنا الأمران سواء في تأثير غلبة الظن فيهما، ولهذا يؤثر في عدالة من تقدمت عدالته عندنا على سبيل الظن أقوال من يخبرنا عنه بارتكاب قبيح إذا كانوا عدولا وإن كانت أقوالهم. لا تقتضي اليقين، بل يحصل عندها غالب الظن وكيف لا نرجع عن ولاية من توليناه على الظاهر بوقوع أفعال منه يقتضي ظاهرها خلاف الولاية، ونحن إنما قلنا بعدالته في الأصل على سبيل الظاهر مع التجويز لأن يكون ما وقع منه في الباطن قبيحا لا يستحق به التولي والتعظيم ألا ترى أن من شاهدناه يلزم مجالس العلم، ويكرر تلاوة القرآن، ويدمن الصلاة والصيام والحج يجب أن نتولاه ونعظمه على الظاهر وإن جوزنا أن يكون جميع ما وقع منه مع خبث باطنه وغرضه في فعله قبيحا فلم نتولاه إلا على الظاهر ومع التجويز فكيف لا نرجع عن ولايته بما يقابل هذه الطريقة، فأما من غاب عنا وتقدمت له أحوال تقتضي الولاية فيجب أن نستمر على ولايته، وإن جوزنا مع الغيبة أن يكون منتقلا عن الأحوال الجميلة التي عهدنا ها منه، إلا أن هذا تجويز محض لا ظاهر معه يقابل ما تقدم من الظاهر الجميل.
وهو بخلاف ما ذكرناه من مقابلة الظاهر للظاهر، وإن كان في كل واحدة من الأمرين تجويز، وقد أصاب في قوله: (إن ما يحتمل ألا يجوز أن ينتقل له عن التعظيم والتولي) إن أراد بالاحتمال ما لا ظاهر له وأما ما له ظاهر ويجوز مع ذلك أن يكون الأمر فيه بخلاف ظاهره، فإنه لا يسمى محتملا. وقد يكون مؤثرا فيما ثبت من التولي على الظاهر على ما ذكرناه.