الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٢٣٠
به، وقد كان أمير المؤمنين عليه السلام يطلبه قالوا: ولم لم يكن كل ما (1) قلنا أو بعضه يوجب خلعه، والبراءة منه، لوجب أن يكون الصحابة تنكر على من قصده من البلاد متظلما مما فعلوه، وأقدموا عليه، وقد علمنا أن بالمدينة المهاجرين والأنصار وكبار الصحابة لم ينكروا ذلك، بل أسلموه ولم يدفعوا عنه، بل أعانوا (2) قاتليه ولم يمنعوا من قتله وحصره، ومنع الماء منه مع إنهم متمكنون من خلاف ذلك، وذلك أقوى الدليل على ما قلناه فلو لم يكن في أمره إلا ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: الله قتله وأنا معه كالحد في عبيد الله بن عمر (3) فإنه قتل الهرمزان (4) بعد إسلامه فلم يقده

(1) غ " على ما قلناه ".
(2) غ " أعانوا عليه ".
(3) غ " لأنه ".
(4) الهرمزان: زعيم من زعماء الفرس وقائد من قادتهم أتي به أسيرا بعد انتصار المسلمين في القادسية فعرض عليه عمر الاسلام فأبي فأمر بقتله، فلما عرض عليه السيف قال: لو أمرت لي يا أمير المؤمنين بشربة من ماء فهو خير من قتلي على ظمأ، فأمر له بها فلما صار الإناء بيده قال: أنا آمن حتى أشرب؟ قال: نعم فألقى الماء من يده، وقال: الوفاء - يا أمير المؤمنين - نور أبلج فقال: لك التوقف حتى أنظر في أمرك ارفعا عنه السيف، فلما رفع عنه قال: الآن أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وما جاء به حق من عنده فقال له عمر: ويحك أسلمت خير إسلام فما أخرك قال: خشيت أن يقال إن إسلامي إنما كان جزعا من الموت فقال عمر: إن لفارس حلوما بها استحقت ما كانت فيه من الملك ثم كان عمر يشاوره بعد ذلك في إخراج الجيوش إلى أرض فارس ويعمل برأيه (العقد الفريد 1 / 125 و 2 / 171) قال ابن كثير: " وحسن إسلام الهرمزان فكان لا يفارق عمر " فلما قتل عمر اتهم الهرمزان بممالاة أبي لؤلؤة فجاءه عبيد الله بن عمر فقال: اصحبني ننظر إلى فرس لي - وكان الهرمزان بصيرا بالخيل - فخرج بين يدي عبيد الله فعلاه بالسيف فقتله، ثم قصد عبيد الله إلى جفينة - وهو رجل ذمي من النصارى من أهل الحيرة أقدمه سعد بن أبي وقاص المدينة ليعلم الناس الكتابة - فقتله، ثم قصد ابنة أبي لؤلؤة وهي طفلة صغيرة فقتلها وقد أعظم المسلمون فعله فحبس حتى يتم الاستخلاف فلما بويع عثمان استشار المسلمين في أمره فأشار عليه علي عليه السلام بقتله، وقال آخرون بالأمس قتل عمر واليوم تتبعوه بابنه فخلى عثمان سبيله، فلما بويع علي عليه السلام طلبه ليقتص منه فهرب إلى معاوية فكان معه إلى قتل بين يديه يوم صفين (انظر مصادر نهج البلاغة وأسانيده 3 / 274).
(٢٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»