وأما قوله: (إن قول الإمام له مزية لأنه آكد من غيره) فلا معنى له، لأن قول الإمام على مذهبنا يجب أن يكون له مزية من حيث كان معصوما مأمونا باطنه وعلى مذهبه إنما ثبتت ولايته بالظاهر كما ثبتت ولاية غيره من سائر المؤمنين، وأي مزية له في هذا الباب؟
وأما قوله: (إن ما ينقل عن الرسول وإن لم يكن مقطوعا عليه يؤثر في هذا الباب ويكون أقوى مما تقدم) غير صحيح على إطلاقه لأن تأثير ما ينقل إذا كان يقتضي غلبة الظن لا شبهة فيه فأما تقويته على غيره فلا وجه له وقد كان يجب أن يبين من أي وجه يكون أقوى.
فأما عده الأحداث التي نقمت عليه، فنحن نتكلم عليها، وعلى ما أورده من المعاذير فيها بمشيئة الله تعالى عند ذكره لذلك.
فأما ما حكاه عن أبي علي من قوله: (لو كان ما ذكروه من الأحداث قادحا لوجب من الوقت الذي ظهرت الأحداث فيه أن يطلبوا رجلا ينصبونه في الإمامة، لأن ظهور الحدث كونه) قال: (فلما رأيناهم طلبوا إماما بعد قتله دل على بطلان ما أضافوه إليه من الأحداث) فليس ذلك بشئ معتمد، لأن تلك الأحداث وإن كانت مزيلة عندهم لإمامته وناسخة لها ومقتضية لأن يعقدوا لغيره الإمامة، فإنهم لم يقدموا على نصب غيره مع تشبثه بالأمر خوفا من الفتنة والتنازع والتجاذب، وأرادوا أن يخلع نفسه حتى تزول الشبهة، وينشط من يصلح للإمامة لقبول العقد، والتكفل بالأمر، وليس يجري ذلك مجرى موته، لأن موته يحسم الطمع في استمرار ولايته ولا تبقى شبهة في خلو الزمان من إمام، وليس كذلك حدثه الذي يسوغ فيه التأويل على بعده، وتبقى معه الشبهة في استمرار أمره، وليس نقول أنهم لم يتمكنوا من ذلك كما سأل نفسه، بل الوجه في عدولهم ما ذكرناه من إرادتهم لحسم المواد، وإزالة الشبهة، وقطع أسباب