نستدل بهذه المؤاخاة على الفضل والتقدم، بل لم يواخ النبي صلى الله عليه وآله في هذه المؤاخاة بين أمير المؤمنين وبين نفسه، وإنما آخى بين كل رجل من الأنصار ورجل من المهاجرين للمواساة والمعونة، والتساهم والتشارك، وهذه المؤاخاة نسخت حكمها آيات المواريث، ولم يكن فيها أبو بكر أخا لعمر، والمؤاخاة الثانية هي التي اعتبرناها، واستدللنا بها على ما ذكرناه، ولم يكن الغرض فيها ما ظنه من المواساة والمعونة، والذي يدل على أن هذه المؤاخاة كانت تقتضي تفضيلا وتعظيما وأنها لم تكن على سبيل المعونة والمؤاخاة تظاهر الخبر عن أمير المؤمنين عليه السلام في غير مقام بقوله مفتخرا متبجحا (أنا عبد الله وأخو رسوله لا يقولها بعدي إلا كذاب مفتري) (1) فلولا أن في الأخوة تفضيلا وتعظيما لم يفتخر عليه السلام بها ولا أمسك عن مواقفة على أنه لا مفتخر فيها، ويشهد أيضا بذلك وأن هذه المؤاخاة ذريعة قوية إلى الإمامة، وسبب وكيد في استحقاقها أنه يوم الشورى لما عدد فضائله ومناقبه وذرائعه إلى استحقاق الإمامة، قال في جملة ذلك (أفيكم أحد آخى رسول الله صلى الله عليه وآله بينه وبين نفسه غيري) (2) ويشهد أيضا باقتضاء المؤاخاة الفضل الباهر والمزية الظاهرة ما
(٨٤)