لهم، فهو دال على النص بالإمامة من حيث كان دالا على عظم المنزلة وقوة الفضل، والإمامة هي أعلى منازل الدين بعد النبوة، فمن كان أفضل في الدين، وأعظم قدرا فيه، وأثبت قدما في منازله، فهو أولى بها وكان من دل على ذلك في حاله قد دل على إمامته، ويبين ذلك أن بعض الملوك لو تابع بين أقوال وأفعال طول عمره وولايته يدل في بعض أصحابه على فضل شديد، واختصاص وكيد، وقرب منه في المودة والنصرة والمخالصة لكان ذلك عند ذوي العادات بهذه الأفعال مرشحا له لهؤلاء على المنازل بعده، وكالدال على استحقاقه لأفضل الرتب، وربما كانت دلالة هذه الأفعال أقوى من دلالة الأقوال، لأن الأقوال يدخلها المجاز الذي لا يدخل هذه الأفعال.
وأما قوله: (لو سلم أن الخبر يدل على الفضل لم يكن فيه دلالة على الإمامة، لأن الأفضل لا يجب أن يكون إماما) فهذا مما قد بينا فساده فيما تقدم، ودللنا على أن الإمام لا بد أن يكون الأفضل، وأنه لا يجوز أن يكون مفضولا فلا حاجة بنا إلى إعادة ما قدمناه في ذلك.
فأما ذكر المؤاخاة بين أبي بكر وعمر وظنه أن ذلك يوجب أن يكون عمر خليفته من غير عهد إليه، فنحن نقول في المؤاخاة بين أبي بكر وعمر مثل ما قلناه في المؤاخاة بين النبي صلى الله عليه وآله وبين أمير المؤمنين عليه السلام، والمؤاخاة بينهما تدل على تقارب منزلتهما، وتداني أحوالهما، وإن ما يصلح له كل واحد منهما يصلح له الآخر، وإن عمر حقيق بمقام أبي بكر، وأولى من غيره به، وهذا هو المعنى الذي أثبتناه في المؤاخاة التي تقدمت.
فأما قوله: (إن المؤاخاة إنما كان الغرض فيها طريقة المعونة والمواساة للشدة التي كان المهاجرون فيها من ابتداء الأمر) فغلط، وذلك لأنا لم