الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٤٢
يبين ذلك أن استخلافه في حال الغيبة يقتضي أنه خليفته في موضع دون موضع (1) لأنه لا يجوز أن يكون خليفته في المكان الذي غاب إليه وإنما يكون خليفته في الموضع الذي غاب عنه، فلو قلنا: إن ذلك يقتضي كونه خليفة بعد موته لاقتضى أن يكون خليفة في الكل، واللفظ الأول لم يقتضه، وهذا يبين أن ذلك لا يقع إلا مقيدا.،... " (2).
يقال له: أول ما في كلامك أنه ناقض لما حكيناه عنك قبل هذا الفصل من قولك: " إن هارون لا يجوز أن يكون شريكا لموسى عليه السلام في النبوة إلا ويلزمه عند غيبته أن يقوم بأمر قومه لمكان نبوته وإن لم يستخلفه " لأنك جوزت هاهنا أن يكون موسى عليه السلام منفردا بما يقوم به الإمام مضافا إلى الأداء والتبليغ، ويكون هارون مشاركا في الأداء والتبليغ دون غيره، وهذا يقتضي حاجته إلى الاستخلاف فيما يقوم به الأئمة.
فإن قلت: إنني لم أطلق ما ذكرتموه وإنما قلت: غير واجب فيمن يكون شريكا لموسى عليه السلام في النبوة أن يكون هو القيم بعد وفاته بما يقوم به الإمام.
قلنا: لا فرق بين ما قلته وحكيناه لأن ما يقوم به الأئمة لو كان من مقتضى النبوة على ما دل كلامك عليه في الفصل الأول لم يجز فيمن كان شريكا لموسى في النبوة أن يبقى بعده ولا يقوم بذلك مع ثبوت المقتضي الذي هو النبوة وإذا أجزت في شريك موسى في النبوة أن يبقى بعده ولا يتولى ما يقوم به الأئمة، فلا بد أن يجوز مثله في حياته لأنه إذا لم يكن من مقتضى النبوة جاز في الحالين، وإذا جاز فيهما صح ما حكيناه من تجويزك

(1) غ " في حال دون حال النبي عليه السلام ".
(2) المغني 20 ق 1 / 166 - 167.
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»