وثانيها: أنه عليه السلام لما قصد إلى استخلافه في حياته وبعد وفاته لم يجز أن يعدل عن تشبيه حاله بحال هارون من موسى لأنه هو الذي خلفه في حياته، واستحق أن يخلفه بعد وفاته ويوشع بن نون لم يحصل له هاتان المنزلتان ففي ذكره، والعدول عن ذكر هارون إخلال بالغرض.
وثالثها: أن هارون كانت له مع منزلته الخلافة في الحياة والاستحقاق لها بعد الوفاة منزلة التقدم على سائر أصحاب موسى وكونه أفضلهم بعده وهذه منزلة أراد النبي صلى الله عليه وآله إيجابها لأمير المؤمنين عليه السلام ولو ذكر بدلا من هارون يوشع بن نون لم تكن دالا عليها.
ورابعها: إن خلافة هارون لموسى عليهما السلام نطق بها القرآن وظهر أمرها لجميع المسلمين، وليس خلافة يوشع بن نون لموسى عليه السلام بعده ثابتة بالقرآن، ولا ظاهرة لكل من ظهر له خلافة هارون فأراد النبي صلى الله عليه وآله أن يوجب له الإمامة بالأمر الواضح الجلي الذي يشهد به القرآن ولا يعترض فيه الشبهات، على أن يوشع بن نون لم يكن خليفة لموسى عليه السلام بعده فيما يقتضي الإمامة، وإنما كان نبيا بعده مؤديا لشرعه وخلافته فيما يتعلق بالإمامة كانت في ولد هارون، فليس للمخالف أن يقول: إن حصول الإمامة في ولد هارون غير معلوم من طريق يقطع عليه، لأن المرجع فيه إلى أخبار الآحاد، أو إلى قول اليهود الذي لا حجة فيه، وليس هكذا حكم نبوة يوشع بن نون لأنه لا خلاف بين المسلمين في أنه كان نبيا بعد موسى عليه السلام لأنا نقول له: اعمل على أن الأمر كما ذكرت أليس وإن علمنا بنبوة يوشع بعد موسى فإنا غير عالمين بأن الإمامة كانت إليه، وأنه كان المتولي لما يقوم به الأئمة فلا بد من