ودفعوا إليها كانت تقتضي أمثال ما قلناه وما رويناه عنهم من الأخبار التي تتضمن الخلاف والنكير لا يصدر إلا عن نية واعتقاد فلا يعارض شيئا مما رووه لما ذكرناه.
فأما الفرق بين الخبر المروي عن الرسول صلى الله عليه وآله في أبي ذر وبين ما روي من قوله (اقتدوا باللذين من بعدي) وغيره فظاهر لأن خبر أبي ذر يرويه الخاصة والعامة، وينقله الشيعي والناصبي، ولم يرده أحد من الأمة ولا طعن فيه، ولا قدح في تأويله ولا ناقليه، وليس شئ من هذا موجودا في الأخبار التي عارض بها.
فأما الجواب عن المعارضة بإمامة معاوية والاتفاق عليها بأنه لا يصلح للإمامة لكذا وكذا مما عددناه، فإنما ذلك تعليل منه للنقض لأنه إذا كان لا يصلح للإمامة، وقد وجدنا في الاتفاق عليه، والكف عن منازعته ومخالفته ما وجدناه فيمن تقدم فيجب إما أن يكون إماما أو أن تكون هذه الطريقة ليست مرضية في تصحيح الإجماع وكل شئ يبين أنه لأجله لا يصلح للإمامة يؤكد الالزام ويؤيده.
وقوله: (إن الإجماع إنما يدل على ثبوت ما يصح) صحيح إلا أنه كان يجب أن يبين أن الإجماع لم يقع هاهنا باعتبار يقتضي أن شروطه لم تتكامل ولا يرجع في أنه لم يقع مع تكامل شروطه وأسبابه إلى أن المجمع عليه لا يصلح للإمامة، لأن ذلك كالمناقضة.
فأما ادعاؤه الغلبة والقهر فما يقوله المخالف له في الإمامة في إمامة معاوية ما قاله هو لنا فيما تقدم من أن القهر والغلبة لا بد لهما من أسباب تظهر وتنقل وتعلم فلو كان هناك غلبة لعلمها الناس كلهم على سواء فإن ادعى شيئا مما نقل في هذا المعنى لم يلتفت إليه مخالفه وقال له: لو كان ذلك صحيحا لنقل إلي وعلمته كما علمته وقابله في هذا الموضع بمثل ما قابلنا