الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٢٣٨
ويكف عن النكير إلا عن رضا فما نراك عولت إلا على دعوى وتشبثت بأشياء لا شبهة في مثلها؟ ونحن نبين ما فيها على التفصيل.
فإن قال: لو لم يرض لم يكف عن النكير ولا قام على الخلاف.
قيل له: ولم زعمت ذلك؟ وهل هذا إلا مجرد الدعوى، وإنما كان يصح هذا الكلام لو كان لا وجه لترك النكير الكف عنه إلا الرضا دون غيره، فأما إذا كان ترك النكير قد يقع ويكون الداعي إليه غير الرضا كما قد يدعو إليه الرضا فليس لأحد أن يجعل فقده دليل الرضا لأن النكير قد يرتفع لأمور منها التقية والخوف على النفس وما جرى مجراها، ومنها العلم أو الظن بأنه يعقب من المنكر ما هو أعظم من المنكر الذي يراد إنكاره، ومنها، الاستغناء عنه بنكير قد تقدم، وأمور ظهرت ترفع اللبس والايهام في الرضا بمثله، ومنها أن يكون للرضا (1) فإذا كان ترك النكير منقسما لم يكن لأحد أن يخصه بوجه واحد، وإنما يكون ترك النكير دالا على الرضا في الموضع الذي لا يكون له وجه سوى الرضا فمن أين لصاحب الكتاب وأهل مقالته أنه لا وجه لترك النكير هاهنا إلا الرضا؟ فإن قال: ليس الرضا أكثر من ترك النكير فمتى علمنا ارتفاع النكير علمنا الرضا.
قلنا: هذا مما قد بينا فساده وبينا أن ترك النكير منقسم إلى الرضا وغيره.
وبعد، فما الفرق بينك وبين من قال: وليس السخط أكثر من ارتفاع الرضا فمتى لم أعلم الرضا أو أتحققه قطعت على السخط، فيجب على من ادعى أن أمير المؤمنين عليه السلام كان راضيا أن ينقل ما يوجب كونه كذلك ولا يعتمد في أنه كان راضيا على أن يكسره ارتفاع فإن لقائل أن يقول مقابلا لذلك ما ذكرناه، ونجعل دليل كونه ساخطا ارتفاع رضاه.

(1) خ " الرضا ".
(٢٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 ... » »»