الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٢١٥
بما اقترن إلى ذلك من رضا الجماعة به، فإن قلت: لم يرض المسلمون بذلك لأن طلحة خالف، قيل: وأي معتبر بخلاف طلحة مع رضا كل من عدا طلحة وهم أكثر من خمسة، وهو القدر المطلوب في باب الإمامة، فلو خالف مع طلحة أمثاله وأمثاله حتى يسلم رضا خمسة لم يقدح ذلك في ثبوت الإمامة له، وصحتها على أن طلحة ما أقام على هذا الخلاف، بل رجع عنه وسلم ورضي وهل خلاف طلحة في هذا الباب بآكد من خلاف أمير المؤمنين عليه السلام وجماعة من بني هاشم، والزبير وخالد بن سعيد بن العاص (1) وفلان وفلان الذين زعمتم أنهم بعد إظهار الخلاف الذي صرحوا بالمنازعة في نفس الإمامة، وزادوا بذلك على طلحة، لأن طلحة لم يقل إنه لا يصلح للإمامة وإنني غير راض به، وإنما تألم من فظاظته حتى قلتم في جميع من خالف هناك أنه رضي وسلم، وبايع وتابع، ولم يرجعوا من ذلك إلا إلى الامساك وترك النكير الظاهر، فهل كان من طلحة بعد هذا القول نكير وهل كان إلا متابعا مسلما.
فأما تعلقه بإضافة ولايته إلى نفسه فليس بشئ لأن الإضافة تصح من حيث كان هو المبتدئ بها والمنبه عليها، وإن كان إمضاؤها يقف على رضا الغير، وهذا كما يقال إن عمر عقد الإمامة لأبي بكر من حيث سبق إلى بيعته، وإن كان العقد لم يصح إلا بعد رضا غيره، وليس يجب أن تستأنف له بيعة بعد موت أبي بكر إن كان النص بنفسه لم يكن كافيا على ما ظن لأنه إذا أشار إليه في حياته ورضي القوم بذلك من حاله فهو عقد

(1) خالد بن سعيد بن العاص صحابي من السابقين الأولين هجره أبوه وإخوته لما علموا بإسلامه فلازم رسول الله صلى الله عليه وآله ثم هاجر إلى الحبشة وتولى هناك تزويج حبيبة بنت أبي سفيان لرسول الله صلى الله عليه وآله وكان هو وأخواه أبان وعمرو ابنا سعيد بن العاص ممن انحازوا إلى علي عليه السلام بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وامتنعوا من البيعة في أول الأمر.
(٢١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 ... » »»