الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ١٨٦
صلى الله عليه وآله فأرسل إلى أبي بكر أن اخرج إلي، فأرسل إليه إني مشتغل، فأرسل إنه قد حدث الأمر لا بد لك من حضوره فخرج إليه، فقال أما علمت أن الأنصار قد اجتمعت في سقيفة بني ساعدة يريدون أن يولوا هذا الأمر سعد بن عبادة، وأحسنهم مقالة من يقول: منا أمير ومن قريش أمير، فمضيا مسرعين نحوهم، فلقيا أبا عبيدة فتماسوا إليه فلقيهم عاصم بن عدي (١) وعويم بن ساعدة (٢) وقالا لهم: ارجعوا فإنه لن يكون إلا ما تحبون، فقالوا: لا نفعل فجاؤوهم وهم مجتمعون، فقال عمر بن الخطاب: أتيناهم وقد كنت زورت في نفسي كلاما أردت أن أقوم به فيهم، فلما أن دفعت إليهم، ذهبت لأبتدئ المنطق، فقال لي أبو بكر: رويدا حتى أتكلم، ثم أنطق بعد بما أحببت فنطق، فقال عمر:
فما شئ كنت أريد أن أقول به، إلا وقد أتى عليه، قال عبد الله بن عبد الرحمن فبدأ أبو بكر فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال: إن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم رسولا إلى خلقه، وشهيدا على أمته ليعبدوا الله ويوحدوه، وهم يعبدون من دونه آلهة شتى يزعمون أنها لمن عبدها شافعة، ولهم نافعة، وإنما هي من حجر منحوت، وخشب منجور، ثم قرأ ﴿ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله﴾ (٣) ﴿وقالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى﴾ (4) فعظم على العرب أن يتركوا دين آبائهم فخص المهاجرين

(١) عاصم بن عدي بن الجد بن العجلان حليف الأنصار كان سيد بني العجلان صحابي توفي سنة ٤٥ بعد أن عمر ١١٥ أو ١٢٠ سنة (انظر أسد الغابة ٣ / ٧٥).
(٢) في نسخة " عويمر " والصواب " عويم " كما في الطبري، وهو عويم بن ساعدة الأنصاري قال ابن الأثير في أسد الغابة ٤ / ١٥٨: " له أثر في بيعة أبي بكر الصديق ".
(٣) يونس ١٨.
(٤) الزمر ٣.
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»