كونها واردة عقيب ذكرهن وخطابهن، لأن الأزواج إذا لم يذهب أحد إلى عصمتهن وجب أن يخرجن عن الخطاب المقتضي لعصمة من يتناوله، وورودها عقيب ذكرهن لا يدل على تعلقها بهن، إذا كان معناها لا يطابق أحوالهن، وفي القرآن وغيره من الكلام لذلك نظائر كثيرة، على أن حمل الآية على الأزواج بانفرادهن يخالف مقتضى لفظها لأنها تتضمن علامة جمع المذكر والجمع الذي فيه المذكر والمؤنث ولا يجوز حملها على الأزواج دون غيرهن، ألا ترى أن ما تقدم هذه الآية ثم تأخر عنها لما كان المعني به الأزواج، جاء جمعه بالنون المختص بالمؤنث، ومما يدل على اختصاصها بمن نذهب إليه أيضا الرواية الواردة في سبب نزولها، وقد تقدم ذكرها، وإذا كان الأزواج وغيرهن خارجين من جملة من جلل بالكساء وجب أن تكون الآية غير متناولة له، وجواب النبي لأم سلمة يدل أيضا على ذلك، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وآله بعد نزول هذه الآية كان يمر على باب فاطمة عليها السلام عند صلاة الفجر ويقول: " الصلاة يرحمكم الله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " (1) فإذا ثبت اختصاص الآية بمن ذكرناه ووجبت عصمته وطهارته ثم وجدنا كل من أثبت عصمة أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام يذهب إلى أن إمامتهم ثبتت بالنص من الرسول صلى الله عليه وآله فقد تم ما أوردناه.
فأما قول صاحب الكتاب: " إن أكثر ما تدل عليه الآية أن لأهل البيت مزية في باب الألطاف فلذلك خصهم بهذا الذكر " فإنه متى لم يكن المراد ما ذكرناه لم يكن لهم مزية على غيرهم، لأنا قد بينا أنه إن أريد بالآية الإرادة الخالصة فلا مزية، فإذا ثبتت المزية فلا بد من أن يثبت فعلا