الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ١٣٥
خير " (1) وصورة الحال وسبب نزول الآية يقتضيان المدحة والتشريف، ولا مدحة ولا تشريف في الإرادة المحضة التي تعم سائر المكلفين من الكفار وغيرهم.
فإن قيل: على هذا الوجه فكذلك لا مدحة فيما تذكرونه لأنكم لا بد أن تقولوا إنه أذهب عنهم الرجس وطهرهم، بأن لطف لهم بما اختاروا عنده الامتناع من القبائح وهذا واجب عندنا وعندكم، ولو علم من غيرهم من الكفار مثل ما علمه منهم لفعل مثل ذلك بهم، فأي وجه للمدح؟
قلنا: الأمر على ما ذكرتموه في اللطف ووجوبه، وأنه لو علمه في غيرهم لفعله كما فعله بهم غير أن وجه المدح مع ذلك ظاهر لأن من اختار الامتناع من القبائح، وعلمنا أنه لا يقارف شيئا من الذنوب، وإن كان ذلك عن ألطاف فعلها الله تعالى به، لا بد من أن يكون ممدوحا مشرفا معظما، وليس كذلك من أريد منه أن يفعل الواجب، ويمتنع من القبيح، ولم يعلم من جهته ما يوافق هذه الإرادة، فبان الفرق بين الأمرين، وأيضا فإن النبي صلى الله عليه وآله على ما وردت به الرواية الظاهرة لم يسأل الله أن يريد أن يذهب عنهم الرجس، وإنما سأل أن يذهب عنهم الرجس ويطهرهم تطهيرا فنزلت الآية مطابقة لدعوته، متضمنة لأجابته، فيجب أن يكون المعنى فيها ما ذكرناه، وإذا ثبت اقتضاء الآية لعصمة من تناولته وعني بها وجب أن تكون مختصة من أهل البيت عليهم السلام بمن ذهبنا إلى عصمته، دون من أجمع جميع المسلمين على فقد عصمته، لأنها إذا انتفت عمن قطع على نفي عصمته لما يقتضيه معناها من العصمة لم يخل من أن تكون متناولة لمن اختلف في عصمته، أو غير متناولة له، وإن لم تتناوله بطلت فائدتها التي تقتضيها، فوجب أن يكون متناولة له، وهذه الطريقة تبطل قول من حملها على الأزواج، لأجل

(1) تقدم الكلام على هذا آنفا.
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»