الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ١٣٩
فأما الطريقة الأخرى فقد بينا الكلام عليها في باب النبوات (1) وأن ماله وجب في الرسول أن يكون منزها عن الكفر والكبائر، هو كونه حجة فيما تحمله وأن الإمام في أنه بخلافه بمنزلة الأمير والحاكم وذلك يسقط ما تعلقوا به،... " (2).
يقال له: قد اعتمد بهذه الآية التي ذكرتها قوم من أصحابنا والاستدلال بها مبني على القول بالعموم، وأن له صيغة يقتضي ظاهرها الاستغراق، فمن لا يذهب إلى ذلك من أصحابنا لا يصح له الاستدلال بهذه الآية في هذا الموضع، ومن ذهب إلى العموم منهم صح له ذلك، ويمكن أن يستدل بها على أمرين: أحدهما أن من كان ظالما في وقت من الأوقات فلن يجوز أن يكون إماما، ويبنى على ذلك القول بإمامة أمير المؤمنين عليه السلام بعد الرسول صلى الله عليه وآله بلا فصل لأن من تولى الأمر غيره قد كان ظالما فيما سلف من أحواله، والأمر الآخر أن يبين اقتضاء الآية لكون الإمام معصوما لأنها إذا اقتضت نفي الإمامة عمن كان ظالما على كل حال، سواء كان مسر الظلم أو مظهرا له، وكان من ليس بمعصوم وإن كان ظاهره جميلا يجوز أن يكون مبطنا للظلم والقبح، ولا أحد ممن ليس بمعصوم يؤمن ذلك منه، ولا يجوز فيه، فيجب بحكم الآية أن يكون من يناله العهد الذي هو الإمامة معصوما حتى يؤمن استسراره بالظلم، وحتى يوافق ظاهره باطنه، والكلام الذي طعن به صاحب الكتاب في الاستدلال بالآية غير صحيح، لأن عموم ظاهرها يقتضي أن الظالم في حال من الأحوال لا ينال الإمامة، ومن تاب بعد كفر أو فسق وإن كان بعد التوبة لا يوصف بأنه ظالم فقد كان ممن يتناوله

(1) باب النبوءات يعني من المغني وهو في الجزء الخامس عشر منه.
(2) المغني 20 ق 1 / 194.
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»