الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ١٢٨
الدين علينا، والارشاد إلى ما يكون فيه نجاتنا من الشكوك والريب (1)، والذي يوضح ذلك: أن في رواية زيد بن ثابت لهذا الخبر وهما (الخليفتان من بعدي) وإنما أراد أن المرجع إليهما بعدي فيما كان يرجع إلي فيه في حياتي، فلا يخلو من أن يريد إن إجماعهم حجة فقط دون أن يدل القول على أن فيهم في كل حال من يرجع إلى قوله، ويقطع على عصمته، أو يريد ما ذكرناه، فلو أراد الأول لم يكن مكملا للحجة علينا، ولا مزيحا لعلتنا، ولا مستخلفا من يقوم مقامه فينا، لأن العترة أولا قد يجوز أن تجمع على القول الواحد، ويجوز أن لا تجمع بل تختلف، فما هو الحجة من إجماعها ليس بواجب، ثم ما أجمعت عليه هو جزء من ألف جزء من الشريعة، فكيف يحتج علينا في الشريعة بمن لا نصيب عنده من حاجتنا إلا القليل من الكثير، وهذا يدل على أنه لا بد في كل عصر، من حجة في جملة أهل البيت مأمون مقطوع على قوله، وهذا دلالة على وجود الحجة على سبيل الجملة، وبالأدلة الخاصة يعلم من الذي هو حجة منهم على سبيل التفصيل.
على أن صاحب الكتاب قد حكم بمثل هذه القضية في قوله:
(إن الواجب حمل الكلام على ما يصح أن يوافق فيه العترة للكتاب، وإن الكتاب إذا كان دلالة على الأمور وجب في العترة مثل ذلك).
وهذا صحيح للجمع بينهما في اللفظ والارشاد إلى التمسك بهما ليقع الأمان في الضلال، والحكم بأنهما لا يفترقان إلى القيامة وإذا وجب في الكتاب أن يكون دليلا وحجة وجب مثل ذلك في قول العترة، وإذا كانت دلالة الكتاب مستمرة غير منقطعة موجودة في كل حال وممكنة إصابتها في كل زمان وجب مثل ذلك في قول العترة، المقرون بها، والمحكوم له بمثل حكمها، وهذا لا يتم

(1) الريب جمع ريبة: وهي التهمة.
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»