الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ١٦
ومتى استكفى الملك من هذه حاله، يعني فقد العلم والاضطلاع كان مقبحا مهملا لأمر وزارته واضعا لها في غير موضعها، واستحق من جميع العقلاء نهاية اللوم والإزراء عليه، وهذا حكم كل واحد منا مع من يستكفيه مهما من أموره فإنه لا يجوز أن يفوض أحدنا ما يريد أن يصنعه إلى من لا معرفة له بتلك الصناعة، لكنه يتمكن من تعرفها وتعلمها وكل من رأيناه فاعلا لذلك عددناه في جملة السفهاء، ولا فرق فيما اعتبرناه بين فقد المستكفي للعلم بجميع ما أسند إليه وبين فقده للعلم ببعضه، لأن العلة التي لها قبح العلماء (1) ولاية الشئ من لا يعلم جميعه هي فقده للعلم بما تولاه، وهذه العلة قائمة في البعض لأنه إذا كان حكم البعض حكم الكل في الولاية والاستكفاء ففقد المولى للعلم بالبعض كفقده للعلم بالكل، وليس يشك العقلاء في أن بعض الملوك لو ولى وزارته أو كتابته من لا يعلم أكثر أحكام الكتابة والوزارة أو شطرها (2) لكان حكمه في فعل القبيح حكم من ولى وزارته من لا يعلم شيئا منها، وكذلك القول في الكتابة، وليس تجري الولاية والاستكفاء مجرى التكليف، فإن تكليف الشئ من لا يعلم إذا كان له سبيل إلى علمه حسن وولايته واستكفاء أمره من لا يعلمه قبيح وإن كان المولى متمكنا من أن يعلم، وللفرق أيضا بين الأمرين مثال في الشاهد لأن أحدنا يحسن منه أن يكلف بعض غلمانه (3) أو أحد أولاده علم بعض الصناعات إذا كان متمكنا من الوصول إلى العلم بها، ولا يحسن منه أن يوليه صناعة ويجعله رئيسا فيها وقدوة وهو لا يحسنها، أو لا يحسن أكثرها.

(1) خ " العلماء والحكماء ".
(2) شطر الشئ نصفه، والمراد هنا القيام ببعضها.
(3) خ " غلمانه وخدامه ".
(١٦)
مفاتيح البحث: الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»