الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ١٩
كون الإمام عالما بجميع الأحكام ما ثبت من وجوب الاقتداء به في جميع الدين، وليس يصح الاقتداء في الشئ بمن لا يعلمه، وليس للمخالف أن يقول: إنا نقتدي به فيما يعلمه دون ما لا يعلمه لأنا قد بينا من قبل أنه إمام في جميع الدين وأن ثبوت كونه إماما في جميعه يقتضي كونه مقتدى به في الكل، وإذا ثبت بما ذكرناه وجوب كونه عالما بكل الأحكام استحال اختياره، ووجب النص عليه، لأن من يقوم باختياره من الأمة لا يعلم جميع الأحكام، فكيف يصح أن يختار من هذه صفته؟
فأما حوالة صاحب الكتاب في أول ما حكيناه من كلامه في هذا الفصل على ما سلف له في إبطال كون الإمام معصوما، فما أحالنا عليه قد بينا بطلانه، واستقصينا الكلام عليه عند نصرتنا الأدلة في وجوب عصمة الإمام.
فأما قوله فيما حكاه عنا من الاستدلال: " وإلا أدى ذلك إلى أن يكون قد كلف القيام بما لا سبيل له إليه، ويحل محل تكليف ما لا يطاق " فإنا لا نعتمد على ما ظنه ولا نلزمه إياه أيضا بل الذي يؤدي إلى ذلك إليه من الفساد وفعل القبيح هو ما ذكرناه في صدر كلامنا هذا وأشبعناه.
وقد بينا أن العقلاء يستقبحون استكفاء الأمر من لا يعلمه وإن كان له إلى علمه سبيل، وليس إذا لم يقبح هذا الفعل من حيث كان تكليفا لما لا يطاق لا يجب قبحه، لأن جهات القبح كثيرة من جملتها تكليف ما لا يطاق، وقد يجوز أن يكون ما لم يقبح لهذا الوجه يقبح لغيره.
فأما قوله " أمن جهة العقل علمتم أن كونه عالما بجميع الأحكام من شرط كونه إماما أو بالسمع؟ ".
فقد بينا في الفصل المتقدم أن كون الإمام عالما بجميع الأحكام ليس
(١٩)
مفاتيح البحث: الظنّ (1)، الجواز (1)، الوجوب (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»