الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٢٠٤
الإمامة يتناول الحال التي تلي وفاته عليه السلام بلا فصل، ولا نذكر في ذلك إلا أدلة قاطعة لا يدخلها تأويل ولا احتمال، على أن ما يدعيه المخالفون من الإجماع على إمامة أبي بكر محتمل أيضا لأن إطباق الكل على الرضا بإمامته غير معلوم ضرورة، وإنما يتعلق فيه بالامساك عن النكير والكف عن المنازعة والمخالفة، وذلك غير معلوم ولا مسلم في جميع الأحوال، ولو سلم في جميعها لم يكن فيه دلالة على الرضا، لأن الرضا لا يعلم بوقوع الكف عن النكير فقط دون أن يعلم أنه لا وجه للكف إلا الرضا، فقد تقرر بما ذكرناه دخول الاحتمال على ما يدعونه من الإجماع، وجاز أن يصرف عن ظاهره لو كان له ظاهر يقتضي الرضا، وليس كذلك على الحقيقة، وإذا ثبتت هذه الجملة فلو لم يصح ما قدمناه من نفي الاحتمال عن أدلتنا الذي إذا ثبتت قضي على ما يدعونه من الإجماع الذي هو محتمل في نفسه، ودخلها الاحتمال على ما يدعيه المخالف لوجب إذا كان الاحتمال داخلا في الأمرين أن يبطل الترجيح، ويجب أن ينظر كل واحد من الأمرين على حدته، فإذا صح قضينا به على فساد الآخر.
فأما قوله: " فمتى ثبت لهم ذلك - يعني دليل الإجماع - صح الطعن به في جملة أدلتهم " إلى قوله: " وهذا يبين أن الواجب التشاغل بهذه الدلالة لأنها إن صحت فلا وجه لأدلتهم وإن لم تصح فقد استغنوا عن أدلتهم " فعليه فيه مثل (1) ما له لأنا نقول له: وإذا صح ما يستدل به على صحة النص، وقامت حجته صح الطعن به في جملة أدلة من خالفنا التي من جملتها التعلق بالاجماع، فلو لم نشتغل بأدلتهم أصلا لصح، وللزمهم أن يكلمونا فيما نعتمده هل هو صحيح أم لا. فإن صح فقد كفيناهم

(1) كل ما له، خ ل.
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»