الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٢٠٥
مؤونة الاشتغال بأدلتهم، وإن لم يصح شئ مما نعتمده من أدلة النص فقد كفاهم مؤونة الاشتغال بأدلتنا، لأن إمامة أمير المؤمنين عليه السلام إذا لم تصح فالصحيح إمامة أبي بكر، وهذه مقابلة له بمثل لفظه أو بقريب منه، فإن وجب بما ذكره العدول عن الكلام في أدلتنا إلى الكلام فيما يدعي من الإجماع وجب بمثله العدول عن الكلام في الإجماع إلى الكلام في أدلتنا.
ومن العجب أنه يعارض فيما تقدم ما نرويه من النص الجلي على أمير المؤمنين عليه السلام بما يحكى عن العباسية (1) ما تدعيه من النص على صاحبهم العباس ويسوي بين القولين، وهو يقول في هذا الفصل: " إنه لا خلاف أن إمامة أبي بكر إذا لم تصح فالصحيح إمامة علي " فهو هاهنا لا لا يحفل بقول العباسية، ويسقطه عن جملة أقوال المجمعين، وفيما تقدم يجعله مساويا لقول الشيعة التي لا يخرج قولها من الإجماع وهكذا صنع في باب البكرية لأنه عارض بقولهم قول الشيعة فيما تقدم، وأنكر على من حكم فيهم بالشذوذ، وجعلهم كشيعة أمير المؤمنين عليه السلام في سائر الأحوال، وقال في هذا الفصل " إن قولهم متروك لا معول عليه " فهو إذا شاء أن يحتج بقولهم قواه وشيده وإذا رأى أن الحجة في قولهم عليه ضعفه ووهنه، وهذه صورة من ينصر الباطل.
وليس مقصدنا بإيراد أدلتنا إبطال قول من يدعي إمامة أبي بكر من جهة النص حسب ما سأل عنه، بل مقصدنا بإيرادها إبطال كل قول يخالف النص على أمير المؤمنين عليه السلام فكيف يظن أن أدلتنا تتناول

(1) العباسية: القائلون بأن العباس منصوص على إمامته، وقد ذكرهم المرتضى في غير موضع من هذا الكتاب وأشار إلا أنهم كانوا قلة في زمانهم، وأنهم من الفرق المنقرضة في زمانه، وقد ألف الجاحظ كتاب حكى فيه مقالتهم وحجاجهم.
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»