ذلك لا يصح إذا حمل اللفظ على الخبر، وإنما يصح إذا حمل على الإيجاب بهذا القول، فكأنه عليه السلام قال: من يبايعني منكم فقد أوجبت كونه أخا لي ووصيا وخليفة من بعدي، ومما يبين أيضا بطلان حمل اللفظ على الخبر أنه لا شبهة في أن ما تقدم ذكر الخلافة من المنازل كالوصية، والأخوة الغرض فيها الإيجاب دون الخبر، لأنه محال أن يريد عليه السلام من بايعني صار بعدي أخا لي ووصيا لأمر لا يتعلق بإيجابي ذلك له بهذا القول، وإذا ثبت الوجوب فيما تقدم ذكر الخلافة ثبت الوجوب فيها أيضا لاستحالة أن يتسق (1) عليه السلام بعض المنازل على بعض، ويريد بالجميع الإيجاب دون الخبر ما عدا منزلة الخلافة التي حكمها في اللفظ حكم ما تقدمها، ألا ترى أنه لا يحسن من أحدنا أن يقول وقد عزم على سفر أو هم بأمر: من صحبني في سفري أو ساعدني على الأمر الذي هممت به كان شريكي في صنعتي، والمسموع القول عندي، والمقدم من بين أصحابي، وله ألف درهم، ويريد بجميع ما ضمنه الكلام الإيجاب ما عدا ذكر الألف فإنه يريد أنه سينال ألفا ويصل إليه من غير جهته، ومن غير أن يكون هو سببا في الاستحقاق، ويمكن أن يبطل تأويل من حمل جميع الألفاظ المروية في النص على الخبر بالطريق التي تقدمت في اعتبار الإجماع، لأن الناس في الأخبار التي يروونها في النص الجلي بين مثبت لها قاطع على صحتها، وبين ناف لها مكذب بها، ومن نفاها لا يشك في حملها على الإيجاب ومباينة حملها على الخبر لقوله، ومن أثبتها ذهب إلى الإيجاب فيها دون الخبر، أو إلى الأمرين جميعا على جواب من تعلق من أصحابنا بالاحتمال، وحمل اللفظ على سائر محتملاته فحملها على الخبر دون الإيجاب للإمامة قول خارج عن الإجماع.
(٢٠١)