الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٢٠٠
الإمامة فيها بالاختيار، ويكون ثبوت إمامته بالعقد له لا من جهة قول الرسول صلى الله عليه وآله.
قيل له: هذا يسقط بطريقة اعتبار ما فهمه الناقلون من مراده عليه السلام لأن من نقل ألفاظ النص ينقل عن أسلافه أنهم ذكروا عن أسلافهم حتى يتصل النقل بزمان الرسول صلى الله عليه وآله أنهم فهموا من مراده عليه السلام بألفاظ النص الإيجاب والاستخلاف دون الخبر عما سيكون في المستقبل، ويسقط أيضا بطريقة حمل اللفظ على سائر محتملاته على مذهب من يراه لأن قوله: (هذا خليفتي من بعدي) و (هذا إمامكم من بعدي) يحتمل أن يكون خبرا وأمرا أو إيجابا ولا مانع يمنع من أن يريد المخاطب به الأمرين جميعا، والصحيح أن اللفظة الواحدة يجوز أن يقصد بها قائلها إلى المعاني المختلفة التي لا يمنع من إرادته لها على الاجتماع مانع، على أن ما اعترض به السائل لا يسوغ في جميع الألفاظ المنقولة في النص، ولا يصح حملها على الخبر دون الإيجاب، لأن قوله عليه السلام (سلموا على علي بإمرة المؤمنين) لا يجوز أن يكون خبرا عما يكون في المستقبل لأنه يدل على استحقاقه منزلة إمرة المؤمنين في الحال بدلالة الأمر بالتسليم المتضمن لذكرها، ولو كان إشارة إلى ما يقع في المستقبل، ونحن نعلم أن الذي يحصل في المستقبل ولما حصل سببه غير مستحق في الحال لما صح الكلام، ولما جاز أن يأمر عليه السلام بالتسليم المقتضي لحصول الاستحقاق وسببه في الحال، وكذلك قوله عليه السلام: (أيكم يبايعني يكن أخي ووصيي وخليفتي من بعدي) (1) لا يصح أن يكون خبرا عما يقع في المستقبل لأنه عليه السلام جعل المنازل المذكورة جزاء على ما دعا إليه من مبايعته وأخرجه مخرج الترغيب فيما جعل المنازل جزاء عليه، وكل

(1) يعني في حديث يوم الدار وقد مر تخريجه.
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»