خلاف البكرية دون خلاف من أثبت إمامة أبي بكر من جهة الاختيار، والوجه الذي منه يتناول خلاف البكرية من مثله يتناول خلاف من عداهم، لأنه كما يبطل قول من ادعى النص على أبي بكر متى ثبت النص على أمير المؤمنين عليه السلام كذلك يبطل قول من ادعى ثبوت إمامة أبي بكر من جهة الاختيار متى ثبت النص عليه السلام.
فأما قوله: " ولم نقل ذلك لأن إيرادهم هذه الأدلة لا يصح " إلى آخر الفصل، فمبطل لفائدة جميع ما تكلفه لأنه إذا كان إيرادنا لأدلتنا يصح ويجب أن يتكلم فيها متى احتججنا بها ولا يعدل بنا إلى الكلام فيما يعتمده المخالف، فأي ترجيح بين الأدلة وأي ثمرة لما تكلفه وأطال الكلام فيه؟
ولا شك أن طريقتهم يمكن أن يعترض بها على جميع طرقنا لأنها لو صحت لم يلزم الاشتغال بأدلتنا إلا كما يلزم الاشتغال بتأويل الآي المتشابهة حسب ما ذكره غير أن ذلك ثابت أيضا في أدلتنا، لأنه لا إشكال في أن كل طريقة نعتمدها في النص يعترض ما يعتمدونه في إمامة أبي بكر، وأنها متى صحت لم يجب أن نشتغل بما يدعونه من الأدلة إلا كما يشتغل بتأويل الآي المتشابهة، فقد ثبت على كل حال أن الكلام في أدلتنا متى اعتمدناها يجب عليهم، وإن من حاد عن الكلام عليها ونقله إلى الإجماع وادعى أنه هو الواجب مطالب بما لا يلزم.
قال صاحب الكتاب: " دليل لهم آخر: ربما سلكوا في الإمام مسلك من يدعي أنه لا يصح (2) للإمامة سواه ويزعم أن الإمامة إذا لم يصح أن تكون إلا بنص (3) فيجب أن يكون النص عليه حاصلا وإن لم ينقل، ولهم