الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٢٠٨
والأصل الثاني لا خلاف بيننا وبين صاحب الكتاب فيه، وإن كنا مختلفين في علته لأنا نوجب أن الحق لا يخرج من جملتهم من حيث ثبت أن بينهم معصوما لا يجوز أن يخلو منه زمان من الأزمنة، وصاحب الكتاب يوجب مثل ما أوجبنا بغير علتنا وقد تقدمت الأدلة على أن الإمام لا يخلو الزمان منه، وأنه لا يكون إلا معصوما فقد صار الأصل الثاني أيضا مدلولا عليه ولحق بالأول، وإذا ثبت الأصلان اللذان ذكرناهما ووجدنا الأمة في الإمامة بعد الرسول صلى الله عليه وآله على ثلاثة أقوال ليس وراءها رابع.
أحدها - قول من ذهب إلى أن الإمام بعده أمير المؤمنين عليه السلام بنصه صلى الله عليه وآله بالإمامة وهو قول الشيعة على اختلافها.
والآخر - قول من ذهب إلى أن أبا بكر هو الإمام بعده على اختلاف مذاهبهم في اعتقاد النص عليه أو الاختيار وهو قول أكثر مخالفينا في الإمامة من المعتزلة وأصحاب الحديث والمرجئة (1) ومن وافقهم.
والثالث - قول العباسية الذين ذهبوا إلى أن العباس رضي الله عنه هو الإمام بعد الرسول صلى الله عليه وآله على شذوذهم وانقراضهم، وقلة عددهم في الأصل، ووجدنا قول من أثبت إمامة أبي بكر وقول من أثبت

(1) المرجئة حصرهم الشهرستاني في الملل والنحل 1 / 139 في أربعة أصناف مرجئة الخوارج، ومرجئة القدرية ومرجئة الجبرية، والمرجئة الخالصة، وذكر أقوالهم وما ينفرد به كل صنف من الآراء، وقال البغدادي في الفرق بين الفرق ص 19: هم خمس فرق، ثم ذكر آرائهم بما لا يخرج عما ذكره الشهرستاني، وعلى كل حال فإن اسمهم مشتق من الارجاء بمعنى التأخير لأن بعضهم يؤخر حكم صاحب الكبيرة إلى يوم القيامة، أو أن اسمهم مأخوذ من إعطاء الرجاء، وعلى هذا المعنى فإنهم يقولون:
لا تضر مع الأيمان معصية ولا تنفع مع الكفر طاعة.
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»