منعناه من إطلاق لفظ الاحتمال على ما جاز دخول الشبهة فيه لما ذكرنا أنه مؤد إليه لا يمتنع من جواز دخول الشبهة في الألفاظ التي نرويها ونعتمدها في الدلالة على النص، ومن أن يصرفها المبطل عن ظاهرها على سبيل الخطأ، وإنما منعناه من إطلاق لفظ الاحتمال، وإن أراد بالاحتمال جواز العدول عن الظاهر أو عن الحقيقة على وجه من الوجوه فإن ذلك ممكن في الكلام خاصة دون أدلة العقول فهذا أيضا مؤد إلى أن جميع أدلة الكتاب والسنة محتملة، وما نظنه يستحسن إطلاق ذلك على أن العدول عن الظاهر وعن الحقيقة لا يخلو من أن يكون مستعملا بدليل أو بشبهة، فإن كان عن دليل فسنبين إن جميع ألفاظ النص لا يجوز الانصراف عن اقتضائها النص إلى غيره بشئ من الأدلة، وأنه لا يصح قيام دليل يقتضي حملها على خلاف النص الذي نذهب إليه وإن كان العدول عن الظاهر بالشبهة فنحن نجوز أن تدخل الشبهة على بعض الناظرين فيصرف لفظ النص إلى غير موجبه ومدلوله، غير أن ذلك لا يوجب أن يكون محتملا لها تقدم فقد بطل بهذه الجملة قوله: " إنه لا شئ نورده من ألفاظ النصوص إلا وهو محتمل ".
فأما تخصيصه قوله صلى الله عليه وآله: (هذا إمامكم من بعدي) وادعاؤه أن الضرورة إذا ارتفعت أمكن أن يحمل على إمامة الصلاة أو العلم فغير صحيح.
وقد أجاب أصحابنا عن هذا الالزام وأمثاله بأن قالوا: الذي يؤمننا من تجويز ما ألزمناه من التخصيص إن الذين نقلوا إلينا ألفاظ النصوص خبرونا بأن أسلافهم خبروهم عن أسلافهم إلى أن يتصل الخبر بزمان الرسول صلى الله عليه وآله فهموا من قصده النص على الإمامة التي قد استقر في الشريعة حكمها وصفتها وعمومها لسائر الولايات، قالوا: وإذا