الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ١٩٢
الضرورة فإنما يصح إذا كان الكلام في القرآن (1) فأما ما عداه من المعجزات فليس يجوز أن لو يدعي في ثبوتها الضرورة وهو يعلم كثرة من يخالفه فيها من طوائف أهل الملل ثم من المسلمين، فإنا نعلم أن جماعة من المتكلمين قد نفوا كثيرا من المعجزات، وليس ما يدعونه من حصول العلم بظهور ذكرها في زمن الرسول صلى الله عليه وآله وفي الصدر الأول بين الصحابة بمعلوم أيضا ولا مسلم لأن من خالف المسلمين ينكر ذلك ويقول: لو كان جرى في الزمان الذي أشاروا إليه من ذكر هذه المعجزات ما يدعونه لوجب أن ينقله إلي أسلافي كما نقلوا سواه، ومن خالف من المسلمين في معجزات بأعيانها ينكر أيضا ظهور ذكر ما أنكره فيما تقدم فقد وضح بطلان ما ادعاه من الضرورة في إثبات المعجزات، فظن أن دعواه هذه تغنيه عن اعتبار التواتر والاستدلال به على صحة النقل فرارا من أن يلزمه من الطعن من كثرة الناقلين واتصالهم ما ألزمناه.
فأما قوله: " إنه لم يبق إلا الكلام في النصوص التي يدعى أنها دلالة على الإمامة، وأنه لا بد من ذكر ألفاظها لننظر في كيفية دلالتها " فقد بينا أنه لم تثبت النصوص إلا من هذه الجهة لأنه لا بد فيه عندنا من اعتبار الألفاظ المنقولة وكيفية دلالتها، وإنا لم نحل في ثبوته ولا في المراد به على علم الضرورة.
قال صاحب الكتاب: (فأما ما يدعون من ألفاظ غير منقولة نحو ادعائهم أنه صلى الله عليه وآله قال في أمير المؤمنين عليه السلام وقد أشار إليه: " هذا إمامكم من بعدي " إلى ما شاكله فغير مسلم ولا نقل فيه فضلا

(١). في حاشية الأصل " يجري مجرى القرآن ".
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»