الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ١٥٠
صلى الله عليه وآله الأنصار ليلة العقبة (1) ومبايعة المهاجرين والأنصار بيعة الرضوان عند الشجرة دلالة على ثبوت نبوته وفرض طاعته من جهة الاختيار، ولساغ لقائل أن يقول: ما الحاجة إلى البيعة مع تقدم النبوة، ووجوب فرض الطاعة، ولوجب أيضا أن يكون نص أبي بكر على عمر بالخلافة يغنيه عن البيعة، وقد رأيناه مع نص أبي بكر عليه حمل الناس على بيعته، ودعاهم إليها فبايعوه، ولم يمنع تقدم النص من البيعة فسقط بجميع ما ذكرناه ما توهموه.
فأما قوله: " كيف روي كل ذلك، ولم يرو عن أحد أنه قال في تلك المجامع: أين المذهب عن أمير المؤمنين عليه السلام وهو الإمام الذي أقامه الرسول صلى الله عليه وآله بالأمس ونص عليه؟ " فالجواب عنه أن ذلك لم يرو لأنه لم يكن، والسبب في أنه لم يقع في تلك المجامع أمثال هذا القول إن القوم الحاضرين للسقيفة قصدوا في الأمر طريق التغلب والاستبداد لأنهم تفردوا بتدبيره من غير مشاورة لبني هاشم وخاصتهم والمنضمين إليهم فيه، ولا مطالعة لواحد منهم به، ولما ظهرت كلمتهم على الأنصار بميل من مال إليهم من جملتهم بادر أحدهم فصفق

(1) وكان من أمر العقبة أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما عرض نفسه في الموسم على القبائل عله يجد ناصرا ومعينا فلم يجد بينهم مجيبا له ولا سامعا لدعوته فلقي نفرا من الخزرج فعرض عليهم الاسلام فآمنوا به، وصدقوا دعوته وقالوا: إنا تركنا قومنا وبينهم من العداوة والشر ما بينهم، فعسى الله أن يجمع بك شملهم، ويذهب ما بينهم، فلما عادوا إلى المدينة أظهروا الاسلام فيها، ودعوا قومهم إليه فأجابهم إليه ذلك خلق كثير حتى إذا كان موسم الحج من العام القابل خرج منهم ثلاثة وسبعون رجلا وامرأتان ليبايعوا رسول الله صلى الله عليه وآله ويعطوه عهدهم فتوافوا جميعا إلى العقبة إخفاء لأمرهم فبايعوه على أن يمنعوا نفسه مما يمنعون أنفسهم وأهله مما يمنعون منه أهليهم إلى آخر ما هو مذكور في كتب السيرة.
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»