الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ١٥٣
بعده، فهو خبر واحد غير مقطوع عليه، ومذهبنا في أخبار الآحاد التي لا تكون متضمنة لما يعترض على الأدلة والأخبار المتواترة المقطوع عليها معروف، فكيف بما يعترض ما ذكرناه من أخبار الآحاد؟ فمن جعل هذا الخبر المروي عن العباس دافعا لما تذهب إليه الشيعة من النص الذي قد دللنا على صحته، وبينا استفاضة الرواية به فقد أبعد على أن الخبر إذا سلمناه وصحت الرواية به غير دافع للنص، ولا مناف له لأن سؤاله رحمه الله يحتمل أن يكون عن حصول الأمر لهم وثبوته في أيديهم، لا عن استحقاقه ووجوبه، يجري ذلك مجرى رجل نحل بعض أقاربه نحلا وأفرده بعطية بعد وفاته، ثم حضرته الوفاة فقد يجوز لصاحبه النحلة أن يقول له أترى ما نحلتنيه وأفردتني به يحصل لي من بعدك، ويصير إلى يدي أم يحال بيني وبينه ويمنع من وصوله إلي ورثتك، ولا يكون هذا السؤال دليلا على شكه في الاستحقاق، بل يكون دالا على شكه في حصول الشئ الموهوب له إلى قبضته والذي يبين صحة تأويلنا، وبطلان ما توهموه قول النبي صلى الله عليه وآله في جواب العباس على ما وردت به الرواية: (إنكم المقهورون) وفي رواية أخرى: (إنكم المظلومون).
فأما قوله: " وكيف ساغ لأبي بكر أن يستخلف عمر " فطريف، لأن الذي سوغ له ذلك هو الذي سوغ له الانتصاب في الأمر فأي حجة تلزمنا باستخلافه عمر، وإنما يكون استخلافه حجة علينا لو سلمنا كونه مصيبا في سائر أفعاله وأن الخطأ والزلل لا يدخلان في شئ منها، وهذا مما لا نسلمه اللهم إلا أن يقال: لو كان استخلافه لعمر منكرا لأنكره المسلمون ولما اجتمع عليه الأنصار والمهاجرون، وهذا إذا قيل هو غير ما اعتمده أبو هاشم لأنه لم يتعلق إلا باستخلاف أبي بكر لعمر من غير ذكر إجماع واختلاف وعلى ذلك تكلمنا، ومنه عجبنا، وإذا تعلق بالاجماع وجوب
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»