الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ١٤٨
والتسليم فليس في نقل شئ مما ذكر ما في النص فكيف يلزم أن يكون الداعي إلى كتمان الأمرين جميعا واحدا وأما تسمية أبي بكر بخليفة رسول الله، وقول الأنصار: " منا أمير ومنكم أمير " فهو مطابق لكتمان النص، ولا حاجة بنا إلى تأويله وتخريج وجهه، وإنما أورده ردا على من قال: إن النص لم يكتمه أحد من الأمة.
فأما ما نقل عن الحسين عليه السلام من قوله لأبي بكر: " انزل عن منبر أبي " فليس ينقله من مخالفينا من ينقل تأخر عن البيعة، وكلام من تكلم فيها، وأكثرهم بل جميعهم يكذب به، ويقول: إنه مما صنعه الشيعة، وإن رجع مخالفونا إلى ما ورد مورد هذا الخبر، ونقل كنقله، وجدوا شيئا كثيرا مما ادعوا فقده من تظلم أمير المؤمنين والتظلم له كقوله عليه السلام: " اللهم إني أستعديك على قريش فإنهم ظلموني حقي ومنعوني إرثي " وقوله عليه السلام في رواية أخرى " اللهم إني أستعديك على قريش فإنهم ظلموني الحجر والمدر " وقوله عليه السلام: " لم أزل مظلوما منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وآله " (1) إلى غير ما ذكرناه من الروايات عنه عليه السلام وعن شيعته وخاصته رحمهم الله التي ذكر جميعها يطول وهي موجودة في الكتب، وليس لهم أن يقولوا: إن هذه الروايات غير معروفة، وإنما ينفرد بادعائها الشيعة، لأنا قد بينا أن الخبر عن الحسين عليه السلام يجري مجراها وكان غرضنا إسقاط قولهم: كيف نقل كذا ولم ينقل كذا؟ وليس لهم أيضا أن يقولوا: جميع ما رويتموه ليس فيه

(1) تظلم أمير المؤمنين عليه السلام وشكواه من قريش رواها جماعة منهم إبراهيم بن محمد المعروف بابن هلال الثقفي في " الغارات " ص 308 وابن قتيبة في الإمامة والسياسة 11 / 154 والرضي في نهج البلاغة (أنظر مصادر نهج البلاغة وأسانيده ج 1 / 390 و ج 3 / 130 وشرح نهج البلاغة م 3 / 36.
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»