الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ١٢٩
من الوجوه المبطلة لهذه الشبهة، وليس ما ذكرناه مما لا يشتبه على من لم ينعم النظر فيه، بل معلوم اشتباهه، وأن الحق فيه بل لا يوصل إليه إلا بثاقب النظر الصحيح، وإذا جاز أن يدخل على القوم الشبهة حتى يعتقدوا أن القول العام الذي هو: (إن الأئمة من قريش) أولى بأن يعمل عليه من القول الخاص الواقع في يوم الغدير مع علمهم بالمراد من خبر يوم الغدير، لأنهم لا بد أن يكونوا قد علموا المراد به إن لم يكن ضرورة فمن طريق الدليل، إذ كانوا من أهل اللغة ومن لا يجوز أن يشتبه عليه ما يرجع إليها ويبني في دلالته عليها، فدخول الشبهة عليهم فيما ذكرناه وعلى الوجه الذي بيناه أجوز وأقرب فكان حال القوم ينقسم في هذا الوجه أيضا إلى الأقسام الثلاثة المتقدمة فيكون بعضهم قصد إلى الكتمان والخلاف مع العلم وزوال الشبهة للأغراض التي ذكرناها، وبعض دخلت عليه الشبهة من الجهة التي تقدمت وبعض آخر أقام على الحق مبطنا له ونقل ما علمه من النص على الوجه الذي تمكن من النقل عليه، وليس لأحد أن يقول:
لو كان ما قدرتموه صحيحا لوجب أن ينقل الذين دخلت عليهم الشبهة جملة بفعل الأكابر النص ولا يعدلوا عن ذكره جملة لأن الشبهة المانعة لهم من العمل بموجبه غير مقتضية للعدول عن نقله كما أنهم عندكم لما اشتبه عليهم المراد بخبر يوم الغدير وما جرى مجراه حتى اعتقدوا بالشبهة أنه غير مقتض للنص لم يوجب عليهم ذلك عدولهم عن نقله وروايته، لأنه غير ممتنع أن يعدلوا عن نقله بالشبهة كما عدلوا عن العمل به وعملوا بخلافه بالشبهة، لأنهم إذا كانوا قد اعتقدوا أن القوم الذين أحسنوا الظن بهم لم يقع منهم ما وقع إلا بعهد إليهم أو شرط أو ما جرى مجرى العهد والشرط يسوغ ما فعلوه، فقد بطل عندهم حكم الخبر، وصار مما لا فائدة في نقله، وخبر الغدير مفارق للنص الجلي لأنه إذا اشتبه عليهم إيجابه للنص
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»