اطراح أمره، وليس يجوز أن يمتنعوا من نقل النص الجلي للخوف من المتأمرين في تلك الأحوال، لأنهم لو كان خوفهم من النقل يمنعهم منه، ويقطع نظامه لكان يجب أن يمتنعوا من نقل مذاهبهم ودياناتهم المخالفة لرأي المسلمين ومذاهب أئمتهم، ويعدلوا عن نقل سائر ما يكرهه المسلمون منهم من الخلاف لهم والتكذيب للرسول صلى الله عليه وآله إلى سائر ما تمحلوه (1) من الطعون كالهجاء والسب وما هو أضعف منهما، فكما أن لم يمنع الخوف من جميع ما عددناه وجب أن لا يمنع من نقل النص لو كانت له حقيقة.
قلنا: لو نقل من ذكرته من مخالفي الاسلام النص لكانوا إنما ينقلونه للوجه الذي لم ينقلوا الحوادث العجيبة والأمور البديعة الظاهرة، ومعلوم فيما كان سبب نقلة مثل هذا أن الخوف اليسير يمنع منه، ويقتضي العدول عنه، وليس يحمل نفسه عامل على تحمل الضرر والخطار (4) بالنفس فيما جرى هذا المجرى، وربما كان الخوف الشديد سببا لانقطاع نقل ما يرجع إلى الديانات فضلا على ما لا يرجع إليها ولا يعتقد المعرض عن نقله أنه قد ضيع بإعراضه فرضا، وأهمل واجبا، وإذا كان في نقل النص وإشاعاته وتداوله شهادة على أئمة القوم بالانسلاخ عن الدين، والمخالفة للرسول صلى الله عليه وآله وعلى كل تابع لهم، ومقتد بهم، ففي تعرض اليهود وأهل الذمة لهم فسخ لذمتهم، ونقض لعهدهم، وليس ينشط هؤلاء مع بقاء عقولهم أن يسفكوا دماءهم ويبيحوا حريمهم بما لا يجدي عليهم نفعا، وليس في تعبير المسلمين بخلافهم لنبيهم صلى الله