فأما النص الذي وقع بحضرة الجماعة القليلة العدد فيمكن كتمانه، ويجوز نسيانه.
وأما النص الذي وقع بحضرة العدد الكثير، فإنما كان يوم الغدير، وكلهم كانوا ذاكرين لكلامه عليه السلام غير أنهم ذهبوا عنه بتأويل فاسد لأنهم لما دخلت عليهم الشبهة توهموا أن لذلك الكلام ضربا من التأويل يجوز معه للرؤساء إذا وقعت الفتنة، واختلفت الكلمة، أن يختاروا إماما ".
هذه ألفاظه بعينها (1) وإن كنا في صدر كلامنا في هذا الفصل توخينا إيراد معنى كلامه وكثير من ألفاظه، ولم نأت بالجميع على وجهه، وهذه طريقة حسنة غير أنه يمكن مع هذا التقسيم لأحوال الصحابة والتنزيل أن لا نفرق بين النص الجلي والنص الواقع في يوم الغدير في الوقوع بحضرة الأكثر ويسوى بين النصين وكثرة السامعين له والشاهدين له لأنه لا يمتنع على هذا أن يكون النبي أسمع النص الجلي سائر من أسمعه خبر يوم الغدير، غير أنه لما وقعت الفتنة واختلفت الكلمة من المهاجرين والأنصار ما وقع العلل والأسباب التي ذكرنا بعضها ورأى الناس صنيعهم اعتقد كثير منهم مع العلم بالنصين والذكر لهما أن القوم الذين ركبوا الأمر وعقدوه لأحدهم لم يفعلوا ذلك إلا بعهد من الرسول صلى الله عليه وآله خاص إليهم، وقول منه تأخر عما علموه (2) من النص وكان كالناسخ له، وذهب عليهم أنه لو كان في ذلك عهد ينافي النص الظاهر الذي عرفوه لما جاز أن يكون خاصا، وأن النسخ في مثله لا يقع لأنه موجب للبداء إلى غير هذا