الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ١٣٠
فغير مشتبه إيجابه للفضيلة: فيكون نقلهم له لمكان فائدته على أنهم إذا وجدوا القوم الذين بفعلهم قويت الشبهة، ووقع الاغترار، قد أضربوا عن ذكر هذا النص والتلفظ به، وتناسوه ووجدوا من عداهم من أهل الحق قد أخفوه للتقية، وعدلوا عن التظاهر بنقله وذكره، ولم يجدوا هذا في خبر الغدير وما ماثله فقد صار هذا شبهة أخرى في العدول عن نقل النص الجلي دون الواقع في يوم الغدير، ويجوز أن يعتقدوا عندها أن ذكره غير جائز كما أن العمل به غير جائز، وأنه جار مجرى ما نسخ حكمه ولفظه من الكتاب، وأي الطريقين اللذين سلكناهما في حال القوم ودخول الشبهة على بعضهم في النصين (1) معا أو في أحدهما صح وثبت، فقد سقط به ما ألزمناه صاحب الكتاب، وقصد التشنيع به علينا من نسبة جميعهم إلى الارتداد والنفاق وعناد الرسول صلى الله عليه وآله.
فإن قيل: إذا كان الأمر في كتمان أهل الملة للنص على ما ذكرتم فألا نقله اليهود والنصارى ومن جرى مجراهم من طوائف أهل الخلاف للملة، وقد علمنا أن جميع الدواعي الموجبة للأغراض التي ذكرتموها في أهل الملة عنهم مرتفعة، وأنهم قد نقلوا من أحوال الرسول صلى الله عليه وآله الظاهرة كتأميره الأمراء ونصه على الأحكام، وحروبه للأعداء إلى غير ذلك ما حال النص عندكم في الظهور كحاله والداعي إلى نقله لهم داع إلى نقل النص مع أن للنص مزية ظاهرة عندهم، لأنهم إذا نقلوه مع ما جرى من الناس من العمل بخلافه كانت فيه لهم حجة على أهل الاسلام واضحة ومعيرة (2) ظاهرة من حيث خالفوا فيه عهد نبيهم، وأقدموا على

(1) يعني بالنصين الجلي والخفي وقد أوضحهما في المتن.
(2) معيرة: موضع عار، وهو السبة والتوبيخ.
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»