مثله (1).
وفي إفساد كونهما مستحقين طرق كثيرة:
فمما أشار إليه صاحب الكتاب من ذكر المشقة والكلفة (2) أحدها وهو آكدها، ونحن وإن لم نقل في الإمامة أنها مستحقة بأعمال متقدمة على الوجه الذي رغبنا عنه، فإنا لا نوجبها إلا للأفضل لما سنذكر عند الكلام في المفضول، على أن من ذهب فيها إلى الاستحقاق لا يصح أن يستدل على وجوب الإمامة بما حكاه، لأنه قد يجوز أن لا يكون في الزمان من بلغت أعماله القدر (3) الذي تستحق بمثله الإمامة، وليس بواجب أن يكون في كل زمان من تبلغ أعماله إلى هذا الحد، ولا يصح أيضا أن يستدل بطريقة الاستحقاق على العصمة، لأنه قد يجوز أن يستحقها بأعماله، وكثرة ثوابه من لم يكن معصوما، وغير ممتنع أن تزيد طاعات من ليس بمعصوم على طاعات المعصوم فيزيد ما يستحقه بها من الطاعات الثواب على ثواب المعصوم، فلو سلم للقوم أن الإمامة مستحقة بأعمال لم يثبت لهم وجوبها على الحد الذي يذهبون إليه، ولا العصمة أيضا من الوجه الذي أوضحناه، فتشاغل صاحب الكتاب مع هذا بمنازعته لهم في الاستحقاق لا وجه له مع بطلان قولهم من دونه، وإنما يصح أن يستدل بكون الإمامة مستحقة من ذهب (4) إلى ذلك فيها على أن الإمام أفضل أهل زمانه فيكون ذلك وجها يتعلق بمثله، وإن كان الأصل الذي بني عليه فاسدا.