الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٢٦٤
الجميع معترفون بأنها أخبار آحاد وإنما يتوصلون إلى تصحيحها بالاستدلال الذي سلكه صاحب الكتاب، وبالغ فيه إلى هذا الموضع، ومن حمل نفسه في هذه الأخبار على ادعاء الضرورة عرفت صورته.
فأما قوله: " وقول من قال: المراد به أنهم لا يجتمعون على الخطأ الذي هو بمعنى السهو (1) لا وجه له، لأن ذلك لا يختص الأمة، لأن حال كل فريق منهم كحالهم في ذلك، لأن ذلك مما لا يقتضي فيهم طريقة المدح، ولا الاختصاص الذي يوجب تميزهم من سائر الأمم (2)... " فقد بينا فيما سلف أن لفظة الخطأ كالمجملة، وأنه لا يستفاد من ظاهرها نفي جميع الخطأ، ولا نفي بعض منه معين، وأن الواجب مع الاحتمال الامساك عن القطع، وانتظار الدليل المنبئ عن المراد به.
وليس يمتنع أن يريد بالكلام نفي السهو عنهم وإن شاركهم في ذلك سائر الأمم، وكان حكم كل فريق منهم كحكم جماعتهم في هذا المعنى، لأن نفي السهو عن الأمة حكم منطوق به فيهم، وليس يدل تعليق هذا الحكم بالأمة على نفيه عمن عداهم، بل جائز أن يكون حكم غيرهم فيه كحكمهم، وهذا أصل يوافقنا عليه فيه صاحب الكتاب إلا أنه ربما تناساه بحيث يضره التمسك به.
وليس لأحد أن يقول: فالعقل دال على نفي السهو عنهم، فأي وجه لحمل الخبر على ذلك مع دلالة العقل عليه؟ والواجب أن يحمله على أمر لا يستفيده بالعقل، وهو الخطأ من طريق الشبهة، وذلك أن العقل وإن كان دالا على ما ذكر، فغير منكر أن يرد السمع به على سبيل التأكيد، ولو أبطلنا ورود السمع بما يدل العقل عليه للزمنا إبطال أكثر

(1) في المغني " بمعنى الشبهة ".
(2) المغني 17 / 194.
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»