السمع، أو كثير منه، وإذا كان ورود السمع مؤكدا لما في العقل مما لا يأباه أحد من النظار (1)، وصح أيضا الأصل الأخير الذي هو أن تعليق الحكم بموصوف لا يدل على أن ما عداه بخلافه (2) بطل سائر ما تعلق به في هذا الموضع من إنكار ورود السمع بما يدل العقل عليه، ومن أن اختصاص اللفظ بالأمة يقتضي تخصيصها بالحكم، ويمنع من أن يكون المراد حكما يشركها فيه غيرها، وليس في الكلام ما يدل على المدح حسب ما توهمه، وأكثر ما فيه نفي الخطأ عنهم، وإذا كان نفي الخطأ على بعض الوجوه يكون مدحا، وعلى بعضها لا يكون مدحا لم يستفد من ظاهر الكلام ما يقتضي المدح، وكان من ادعى ذلك مفتقرا إلى الدلالة على أن الخطأ المنفي هاهنا هو الواقع عن الشبهة لا عن السهو ليصح أن يكونوا ممدوحين به، وهذا مما لا سبيل إليه، وإذا كان قد اعتمد في الاستدلال على أن الخطأ المراد ليس هو الواقع بالسهو على ادعاء المدح، وكان المدح لا يثبت له إلا بعد أن يثبت أن الخطأ المنفي هو ما أراده وادعاه فقد بان بطلان اعتماده.
فأما قوله: " وقولهم: إن المراد بذلك أنه تعالى لا يجمعهم على الخطأ يبطل بمثل ما قدمناه " فإنما أراد به الوجهين اللذين ذكرهما أبطلناهما وأحدهما أن الكلام يقتضي التخصيص، ووصف الأمة بما لا يشركها فيه غيرها، والآخر أنه مقتض للمدح، ولا يجوز حمله على ما لا مدخل للمدح فيه، وقد أفسدنا الوجهين بما يمنع من تعلقه بهما أولا وثانيا.
فأما قوله: " فإن قيل (3): فما معنى ما روي من قوله: " لم يكن الله