الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٢٥٠
لذلك، لأنه إذا أوجب على ما ادعاه في الصحابة إذا علم تمسكهم بطريقة في الدين أن يحكم بأن تمسكهم إنما كان لأجل ما يظهر بينهم من الأدلة دون غيرها، فهكذا يجب إذا علم تمسكهم بالاجماع، وظهر بينهم أمران لأحدهما على الآخر فضل عظيم في الظهور والشهرة والقوة، أن يقضى بأن عملهم إنما كان من أجل القوي العالي الرتبة في الظهور، لأن حسن الظن بهم الذي يقتضي حمل أفعالهم على الصحة، وموافقة الحق والدين يقتضي هذا، بل يجب إذا ظهر عملهم وتمسكهم واتفق على أمر ظهر بينهم واشتهر يمكن أن يكونوا فعلوا له، ومن أجله، وادعي ظهور أمر آخر بينهم لم يقع الاتفاق عليه، ولا التسليم من جماعة الأمة له، أن يحكم بأن تمسكهم إنما كان لأجل المعلوم المتيقن دون المشكوك فيه.
وهذا يوجب القطع على أن عملهم بالاجماع إن كانوا عملوا به من أجل (1) الآيات التي قد علم ظهورها بينهم، واتفق وقوفهم عليها، ومعرفتهم بها، دون الخبر الذي يعتقد كثير من الأمة أنه مولد (2) مصنوع لم تعرفه الصحابة، ولا سمعت به.
فأما قوله: " وقد صح من عادة الصحابة ومن بعده في الأخبار أنهم كانوا يتثبتون فيما لا يعظم الوزر والخطأ فيه مثل الذي روي عن عمر في الاستئذان (3) وغيره [وما روي عن علي عليه السلام أنه كان يحلف من

(1) لأجل، خ ل.
(2) مؤلف، خ ل.
(3) حديث الاستئذان رواه البخاري في كتاب الاستئذان من صحيحه 7 / 130 عن أبي سعيد الخدري، قال: كنت في مجلس من مجالس الأنصار إذ جاء أبو موسى كأنه مذعور، فقال: استأذنت على عمر ثلاثا فلم يأذن لي فرجعت، فقال: ما منعك؟
قلت: استأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع) فقال: والله ليتضمن عليه بينة، أمنكم أحد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبي بن كعب: والله لا يقوم معك إلا أصغر القوم فقمت معه فأخبرت عمران النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك.
(٢٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 ... » »»