الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٢٥١
كان يخبره الخبر عن الرسول (1)] فكيف يصح أن يجري مثل ذلك عادتهم لما هم عليه من الديانة، وشدة التحرز من الغلط فيها ومع ذلك يتمسكون بالاجماع، ويجعلونه من أصول الدين، ويعتمدون عليه في الأحكام، ويقطعون عنده الاجتهاد والرأي لأجل خبر ذكروه غير صحيح عندهم والعادة الظاهرة عنهم أن ما طريقة الخبر الذي لم تثبت (2) صحته قد كان يقبله، واحد، ويرده آخر، وإنما كانوا يطبقون (3) على الخبر، والعمل به إذا حملهم ذلك على العلم بصحة ذلك (4) ". فغير ممتنع في الصحابة أن يتوقفوا في بعض الأخبار لضعف الشبهة فيه، ويمضوا غيره، ويعتقدوا صحة لقوة الشبهة، إما لأنهم أحسنوا الظن براويه، وغلب على قلوبهم من ثقته وأمانته ما دعاهم إلى اعتقاد صحة خبره، أو لأن الخبر وافق منهم اعتقادا متقدما لمعناه فاعتقدوا صحته من حيث طابق ما في نفوسهم، أو لأنهم وجدوه موافقا للآيات التي يتعلق بها في صحة الاجماع، وكانوا معتقدين فيها أنها دالة علي كون الاجماع حجة فصدقوا به من هذا الوجه، إلى غير ما ذكرناه من وجوه الشبه، وطرقها، وهي كثيرة.
وليس يجب إذا ردوا باطلا، أو توقفوا في مشكوك في أن يفعلوا ذلك في كل ما جرى هذا المجرى، لأن المسارعة إلى قبول بعض الباطل قد تقع من العقلاء وأهل الدين لقوة الشبهة، وإن لم يجب أن يسارعوا إلى التصديق بكل باطل وإن ضعفت شبهته.

(1) ما بين المعقوفين من " المغني ".
(2) غ " لم تبد ".
(3) خ يظهرون الإطباق، خ ل.
(4) المغني 17 / 190.
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»