الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٢٤٤
جهة أخرى، لأن نقل المعجز لا بد من أن يكون اضطرارا للعلم به، وبنبوته صلى الله عليه وآله (1)، ولا يجوز أن لا تزاح علة المكلفين فيه أبدا، وكذلك القول في أصول الدين، والطريقة في نقل الجميع إذا تساوت لم يجز اختلاف حالها، وليس كذلك ما جوزناه في خبر الاجماع لأن الطريقة فيه مخالفة لما ذكرناه في القرآن فغير ممتنع أن تكون الحجة في الأخبار المروية فيه قائمة أو لا بالتواتر ثم تصير الحجة فيها من الوجه الآخر " (2) فالعلة التي ذكرها فيما أباه قائمة فيما التزمه، لأن الاجماع أيضا من أصول الدين الكبار، ولو شئنا لقلنا إنه كالأصل لسائر الأصول، لأن عليه مدار عمل مخالفينا، وإليه يفزعون في سائر الدين أو أكثر، فإن كان نقل القرآن وما أشبهه من أصول الدين يجب أن يقول على الأيام ولا يضعف لشدة الاحتجاج من جهة الدين إليه، فما تمس الحاجة من جهة الدين إليه أيضا وتشتد يجب أن يقوى نقله ولا يضعف، فكيف تم في أخبار الاجماع مع الحاجة الماسة إليها ما تم من ضعف نقلها، ورجوعها إلى الآحاد بعد التواتر ولم يجز أن يتم مثل ذلك في غيرها؟ وهل تعاطي الفرق بين الأمرين إلا محض الاقتراح!
وبعد، فقد صرح صاحب الكتاب في جميع كلامه الذي حكينا منه بعضا وتركنا آخر (3) بأن أخبار الصلوات والزكوات وكثير من أصول العبادات انتقل نقلا إلى الآحاد بعد أن كان متواترا من حيث أغنى الاجماع، وظهور العمل عن نقل الألفاظ المخصوصة، ثم رأيناه يمنع في هذا الموضع الذي قد انتهينا إليه من أن يتم في أصول الدين مثل ذلك.

(1) في المغني ليعلم به نبوته صلى الله عليه.
(2) المغني 17 / 185.
(3) بعضا، خ ل.
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»