الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٢٤٣
الاجماع إذا حصل من الصحابة عليها، وظهر العمل بينهم بها قام هذا مقام التواتر، وكان آكد في معنى الحجة منه، وادعى أن أخبار الصلوات، وكثير من العبادات يجري هذا المجرى في أن حصول الاجماع عليها، والعمل بها غني عن التواتر فيها، وهذه العلة قائمة في جمع أصول الشرائع (1)، وفي القرآن نفسه، فما المانع من أن يصير نقل ذلك في طريق الآحاد بعد أن كان متواترا، ويكون الاجماع وظهور العمل به من الصحابة مغنيين عن غيرهما في معنى الحجة؟ وليس يفرق بين الأمرين أن أحدهما تمادت (2) بنقله الأزمان، ونقل من طريق التواتر على مر الأيام، أو ظهر في الأصل ظهورا لم يكن لغيره، لأن جميع ذلك تخصيص للعلة، وتلاف للفارط (3) في إطلاق القول.
فأما قوله: " ولا بد لكل أحد أن يجيب بمثل جوابنا إذا سئل عن كذا وكذا " (4) فقد بينا أن الجواب الصحيح غير جوابه، وأوضحنا القول في جهة حصول العلم بأصول الصلوات والزكوات وما أشبههما من العبادات بما يستغنى عن ذكره.
فأما قوله: " وقد علمنا أن الداعي إلى نقل القرآن إن لم يقو على الأيام لم يضعف، وذلك لشدة الحاجة من جهة الدين إليه، وكذلك القول في أصول الدين [فلا يجوز أن يضعف نقله (5)]، ولا يجوز ذلك من

(1) الشريعة، خ ل.
(2) تمادت: بلغت مدى: وهو الغاية.
(3) الفارط: الذي يتجاوز الحد في الأمر وفي المخطوطة " من إطلاق ".
(4) المغني 17 / 185 وفيه: " ولا بد لكل أحد أن يجيب بمثله إذا سئل عن كثير من أخبار الزكوات ".
(5) ما بين المعقوفين من المغني.
(٢٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 ... » »»