الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٢٣٣
على أن الآية لو تجاوزنا عن جميع ما ذكرناه فيها لا يقتضي كون جميع أقوال الأمة وأفعالها حجة، لأنها غير مانعة من وقوع الصغائر (1) التي لا تسقط العدالة (2) منهم، فإن أمكن تمييز الصغائر من غيرها كانوا حجة فيما قطع عليه وإن لم يمكن علم في الجملة أن الخطأ الذي يكون كثيرا ويؤثر في العدالة مأمون منهم، وغير واقع من جهتهم وإن ما عداه يجوز عليهم، فيسقط مع ما ذكرناه تعلق المخالفين بالآية في نصرة الاجماع.
فأما قوله في نصرة هذه الطريقة: " أن كونهم عدولا كالعلة والسبب في كونهم شهداء، وأنه قد صح في التعبد أنه لا يجوز أن ينصب للشهادة إلا من تعلم عدالته، أو تعرف (3) بالأمارات التي يقتضي غالب الظن، وصح أن من ينصبه بغالب (4) الظن إذا تولى الله تعالى نصبه يجب أن يعلم من حاله ما نظنه، فإذا ثبت ذلك لم يخل من أن يكونوا حجة فيما يشهدون أو لا يكونوا، فإن لم يكونوا حجة بطلت شهادتهم، لأن من حق الشاهد إذا أخبر عما يشهد به أن يكون خبره حقا وإن لم يجر مجرى الشهادة، فلا بد

(1) صغيرة منهم خ ل.
(2) العدالة - لغة - مأخوذة من العدل وهو الاستقامة، وعرفها الفقهاء بأنها ملكة اجتناب الكبائر وعدم الاصرار على الصغائر، أو إتيان الواجب وترك المحرم، أو مجرد ترك المعاصي عن ملكة، أو خصوص الكبائر منها، وغير ذلك من التعريفات التي تختلف لفظا وتتقارب معنى، وقد أخذها الفقهاء شرطا في المفتي والقاضي وإمام الجماعة، والشاهد، وتعرف بالعلم الوجداني من أي أسبابه حصل، بالبينة العادلة، والشياع المفيد للعلم، وحسن الظاهر، وبالوثوق والاطمئنان الحاصل عن علم ومعرفة لا كتسرع بعض الجهال الذين سرعان ما يثقون ثم يرجعون لأتفه الأسباب وبأدنى عارض من الشبه.
(3) خ " ويعرف " (4) خ " لغالب ".
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»